أفاد تقرير منشور على منصة “المعهد المغربي لتحليل السياسات”، أنه عند النظر إلى المشاركة الاقتصادية لإيطاليا في المنطقة المغاربية بما يتجاوز نطاق العلاقة بين روما والجزائر وتونس في مجال الطاقة، يتبين أن أهمية العلاقة الاقتصادية لإيطاليا مع المغرب قد أصبحت موضع اهتمام أكبر، حيث برز هذا الأخير كسوق تصديرية للسلع الإيطالية بشكل أفضل من الجزائر.
التقرير الذي أعده “مايكل تانتشوم”، الأستاذ اباحث في معهد الشرق الأوسط، جاء فيه أن واردات المغرب من البضائع الإيطالية قد تجاوزت في سنة 2021، واردات الجزائر من البضائع الإيطالية بنسبة 17 في المائة، مما يعكس التطورات في النظم التصنيعية في المغرب ونمو أسواقها الاستهلاكية ويبين أن التجارة الثنائية بين إيطاليا والمغرب تميل إلى إشراك منتجات ذات قيمة مضافة أعلى.
وبحسب المصدر ذاته، فإن السيارات وأجزائها تعتبر الصادرات الرئيسية من المغرب إلى إيطاليا وهو ما يبرز اندماج إيطاليا في سلاسل القيمة في قطاع تصنيع السيارات في المغرب، مشيرا إلى أنه في سنة 2020، بلغ إجمالي صادرات السيارات إلى إيطاليا أكثر من نصف مليار دولار، وهذا يمثل حوالي ثلث إجمالي صادرات المملكة إى إيطاليا.
وجاء في الورقة البحثية التي أعدها “تانتشوم”، أن المشاركة القوية للشركات الإيطالية في قطاع صناعة السيارات في المغرب التعاون التجاري بين إيطاليا والمغرب تجسد كنوع من الشراكة المربحة للطرفين ويعمل كنموذج مهم لكيفية توسيع هذه الشراكة لتشمل قطاعات اقتصادية أخرى.
وأشارت إلى أن شركة تصنيع أشباه الموصلات الفرنسية الإيطالية “إس تي ميكروإليكترونكس” التي يقع مقرها في جنيف تعد واحدة من أهم الشركات العاملة في قطاع السيارات في المغرب، لافتة إلى أن الدارات المتكاملة لأشباه الموصلات (الرقائق الدقيقة) المصنعة في مصنع الشركة في بوسكورة قد ساعدت على ضمان مرونة سلسلة توريد الرقائق الدقيقة للسيارات وسط النقص العالمي.
وبغض النظر عن عمليات شركة “إس تي ميكروإليكترونكس” في المغرب، ذكر التقرير ذاته، أن الدور الذي تلعبه الشركات الإيطالية في قطاع صناعة السيارات بالمغرب بالغ الأهمية سواء من خلال عدد المصانع في المملكة أو تنوع المكونات المتخصصة التي تنتجها لدعم القطاع.
وأورد أنه بالرغم من أن العديد من مصنعي أجزاء السيارات الإيطاليين في المغرب هي مصانع صغيرة تضم بشكل عام من 30 إلى 150 شخصا، إلا أن إنتجها من الأجزاء الأساسية يعد أمرًا هاما جدا لسلاسة التصنيع في المغرب، مشيرا إلى أن معظم هذه الشركات افتتحت مصانعها خلال الفترة ما بين 2018 و2020 وهي الفترة التي سبقت مباشرة وتلت توقيع إعلان الشراكة الإستراتيجية بين إيطاليا والمغرب.
في سياق متصل، قال الأستاذ الباحث في معهد الشرق الأوسط، “مايكل تانتشوم”، إن واحدة من أكثر الفرص الواعدة للتعاون الإيطالي المغربي تكمن في سعي المغرب لتطوير قدرته على إنتاج الهيدروجين الأخضر، فعلى عكس الهيدروجين التقليدي، أو “الرمادي” لكونه ينتج من الغاز الطبيعي في عملية تطلق كميات كبيرة من ثاني أكسيد الكربون، فإن الهيدروجين الأخضر خالٍ من الكربون وينتج باستخدام الطاقة المتجددة لتقسيم الماء إلى هيدروجين وأكسجين.
ومضى مستطردا: “يمكن بعد ذلك دمج الهيدروجين الأخضر مع النيتروجين لصنع الأمونيا الخضراء، وهو عنصر أساسي في إنتاج الأسمدة. وبصفته رابع أكبر مصدر للأسمدة في العالم ولكن يفتقر إلى إنتاج الغاز الطبيعي الخاص به، يسعى المغرب لاستبدال وارداته من الأمونيا الباهظة الثمن والمشتقة من الغاز الطبيعي بالأمونيا الخضراء المنتجة محليا من الهيدروجين الأخضر”.
وأوضح أنه بارغم من أن المغرب قد أطلق ثلاثة مشاريع واعدة للهيدروجين الأخضر مع شركاء دوليين، إلا أنه ما يزال في المراحل التكوينية لتطوير قطاع الهيدروجين الأخضر، مبرزا في هذا السياق، أن إيطاليا تملك فرصة للعب دور كبير في سلسلة القيمة في مجال الهيدروجين الأخضر في المغرب، كما تفعل في قطاع السيارات، حيث وقعت شركة “سايبم” الإيطالية متعددة الجنسيات لخدمات النفط والغاز الطبيعي وشركة ألبوران هايدروجين ومقرها إيطاليا مذكرة تفاهم في 4 مارس 2021 لبناء مشترك لمصنع هيدروجين أخضر في المغرب.
وبينما سيكون المصنع واحدا من بين خمسة مصانع ستشيدها مجموعة الشركات (ثلاث في إيطاليا وواحدة في ألبانيا)، سيتم إنشاء مصنع الهيدروجين الأخضر لإنتاج الأمونيا الخضراء وتزويد صناعة الأسمدة في المغرب، يضيف التقرير ذاته.
وخلص التقرير إلى أنه “مع زيادة تحديد سلاسل القيمة العالمية في حوض البحر الأبيض المتوسط والانتقال في نفس الوقت إلى الطاقة الخضراء، تتطور أوجه تعاون جديدة لتوسيع التعاون التجاري بين إيطاليا والمغرب، ومن شأن التعاون في مجال الطاقة الخضراء بين البلدين أن يمكن روما من إعادة التوازن إلى دبلوماسيتها في مجال الطاقة في المنطة المغاربية، والتي تشكلت من خلال جغرافية احتياطيات الغاز الطبيعي”.
وشدد على أن إنتاج الهيدروجين الأخضر وخاصة ما يشتق منه من الأمونيا الخضراء يعد قطاعا يتمتع بإمكانيات كبيرة للتعاون الإيطالي المغربي، مما يساعد المملكة على تطوير إنتاج أسمدة مستدام وصديق للمناخ، مؤكدا أن التعاون الإيطالي-المغربي في مجال الهيدروجين الأخضر يجب أن يتم في إطار أوسع لضمان الأمن الغذائي المتبادل ودمج سلاسل القيمة لإنتاج الصادرات الغذائية. إقرأ المزيد : https://al3omk.com/865414.html