“الهيدروجين” وقود المستقبل القادم من السعودية

وصفه البعض بوقود المستقبل وهو العنصر الأكثر وفرة في الطبيعة، ويشكل نحو 75% من الحجم الكلي للكون ظل لعقود مغريا للعلماء باعتباره مصدرا للطاقة وصديقا للبيئة خاليا من الكربون إنه الهدروجين الوافد الجديد لمصادر الطاقة النظيفة متعدد الاستخدامات — فما هو الهدروجين وما هي استخداماته؟ يعود اكتشاف الهيدروجين إلى عام 1671 على يد العالم البريطاني، روبرت بويل، عندما وضع قطعة من المعدن داخل حمض فحدث تفاعل نتج عنه فقاعات غازية دون تعريف لسبب هذه الفقاعات أو نوع الغاز الناتج بعد قرابة 100 عام وتحديدا عام 1766 أعاد العالم البريطاني هنري كافنديش تجربة روبرت بويل لكن في هذه التجربة أشعل الفقاعات الناتجة عن التفاعل ليكتشف أنه غاز قابل للاشتعال وأطلق عليه اسم هيدروجين ومع ذلك لم يستخدم في بداية القرن العشرين بصفته وقودا وإنما كان استخدامه فقط كوسيلة لرفع المناطيد كونه غازا أخف بنحو 14 مرة من الهواء لكن في عام 1937 انفجر منطاد هيندنبورغ (Hindenburg) الألماني المملوء بغاز الهيدروجين ما تسبب في حظره بصفته مادة صالحة للاستخدام. حتى جاءت فترة الستينيات من القرن العشرين وتحديدا عام 1958 مع تأسيس وكالة الفضاء الأمريكية “ناسا” ليعاد استخدامه كوقود خفيف الوزن كون الوزن مهما بالنسبة للمركبات الفضائية والآن ينظر للهيدروجين كأحد أقوى بدائل النفط المحتملة، حيث يمكن استبدال 3 كيلوجرامات من البنزين بكيلوجرام واحد من الهيدروجين. ويمكن للسيارة باستخدام كيلوجرام واحد من الهيدروجين أن تسير مسافة 100 كيلومتر. وينقسم الهدروجين لأنواع كثيرة يشار إليها بألوان مختلفة بحسب طريقة إنتاجه ويعد أبرزها “الهيدروجين الرمادي والأزرق والأخضر فالهيدروجين الرمادي ينتج من خلال معالجة الوقود الأحفوري كالغاز الطبيعي والفحم إلا أن هذا النوع يصاحبه إطلاق انبعاثات من ثاني أكسيد الكربون وينتج “الهيدروجين الأزرق” من خلال تحويل الهيدروجين الرمادي إلى أزرق عبر تقنية احتجاز الكربون في أعماق الأرض وتقليل الانبعاثات الكربونية بنسبة 90% أما “الهيدروجين الأخضر” فيتم إنتاجه عبر التحليل الكهربائي للماء لفصل جزيئات الهيدروجين عن الأكسجين، باستخدام الكهرباء الناتجة من مصادر طاقة متجددة، كالرياح أو الطاقة الشمسية، لينتج هيدروجين خال تماما من أي انبعاثات كربونية، ويمكن الاستفادة من الهيدروجين في تشغيل المصانع والتوربينات الكهربائية وكوقود للسيارات والحافلات والقطارات والطائرات، وكذلك سفن الحاويات التي تعمل بالأمونيا السائلة المصنوعة من الهيدروجين، وكبديل للغاز الطبيعي للطبخ والتدفئة في المنازل ليشكل نحو 25% من احتياجات الطاقة العالمية بحلول عام 2050 وتخطط السعودية لتصبح أكبر دولة منتجة ومصدرة للهيدروجين في العالم، عبر 8 مشروعات تتنوع ما بين الهيدروجين الأخضر والأزرق، أبرزها مشروعها التجاري العالمي المعلن عام 2020 بالشراكة مع “إير بروداكتس” الأمريكية و”أكوا باور” بقيمة 5 مليارات دولار، لبناء منشأة في نيوم ستكون أكبر مصنع لإنتاج الهيدروجين الأخضر على مستوى العالم بنحو 650 طنا من الهيدروجين يوميا، وهو ما يكفي لتشغيل حوالي 20 ألف حافلة تعمل بوقود الهيدروجين، أو إنتاج 1.2 مليون طن من الأمونيا سنويا بهدف التصدير بحلول عام 2026. إذ تستهدف المملكة تصدير 2.9 مليون طن سنويا من الهيدروجين بحلول عام 2030، وارتفاع هذا الرقم لنحو 4 ملايين طن سنويا بحلول عام 2035. لتكون السعودية رائدا عالميا بوقود الهيدروجين ضمن خطة المملكة لتحويل 50% من مصادر الطاقة إلى مصادر طاقة متجددة، والحد من انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون بما يعادل ثلاثة ملايين طن سنويا.