التغيرات المناخية.. بين تدمير البيئة ومستقبل مخيف للبشرية

Table of Contents
Issue Date

وسط توقعات بتجاوز درجات الحرارة معدلاتها القصوى ومواصلة الارتفاع لتصل إلى مستويات قياسية.. سجل العالم في الثالث من شهر يوليو الحالي أعلى درجة حرارة في تاريخه منذ بدء تسجيل درجات الحرارة بشكل منتظم.

تقلبات مناخية متطرفة تضرب العالم هذا الصيف حتى أن قرية في أقصى الشرق الروسي وهي الأكثر برودة في العالم ولا تبعد عن الدائرة القطبية سوى 350 كيلومترا سجلت 32 درجة مئوية.

وأكدت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية أن درجات الحرارة بصدد تجاوز المستويات القياسية على اليابسة وفي المحيطات، مع “آثار مدمرة محتملة على النظم الإيكولوجية والبيئة”.

وأشارت المنظمة إلى أن بياناتها أظهرت أن الأسبوع الأول من يوليو هو أشد الأسابيع حرا على الإطلاق هذا العام، وهو ما اتفقت معها فيه خدمة “كوبرنيكوس” لمراقبة المناخ في أوروبا.

وفي وقت سابق، حذرت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية من أن العالم سيشهد درجات حرارة قياسية هي الأعلى عبر التاريخ خلال السنوات الخمسة القادمة.

وأظهر تقرير جديد لخدمة “كوبرنيكوس” لتغير المناخ بالاتحاد الأوروبي أن درجة حرارة الأرض تخطت التوقعات الشهر الماضي، حيث اجتاحت موجة حر شديدة جنوب الولايا المتحدة والمكسيك وارتفع دفء المحيط إلى مستويات تنذر بالخطر.

وأضاف التقرير أن الشهر الماضي كان الأكثر سخونة على كوكب الأرض “بهامش كبير”، محطما الرقم القياسي السابق الذي تم تحديده عام 2019.

– تنسيق دولي للتصدي لتبعات تغير المناخ

دعت منظمة الأمم المتحدة لتنسيق دولي عاجل للتصدي لتبعات تغير المناخ على صعيد تقلص الجليد البحري وذوبان الأنهار الجليدية والتغيرات السريعة والدائمة أحيانا في الغلاف الجليدي.

وبإجماع الدول والأقاليم الأعضاء في المنظمة العالمية للأرصاد الجوية رفعت المنظمة موضوع الغلاف الجليدي ليصبح أحد أولوياتها العليا، نظرا للآثار المتزايدة لتناقص الجليد البحري وذوبان الأنهار الجليدية والتربة الصقيعية والثلوج على ارتفاع مستوى سطح البحر والمخاطر المتعلقة بالمياه والأمن المائي والاقتصادات والنظم الإيكولوجية.

وذلك خلال المؤتمر العالمي للأرصاد الجوية وهو أعلى هيئة لصنع القرار والذي عقد من 22 مايو إلى 2 يونيو في جنيف بسويسرا، وركز على سبل معالجة تفاقم تبعات الاحتباس الحراري ولا سيما على أمن العالم المائي والتي تطال الجليد البحري والأنهار الجليدية والجليد القطبي.

وقرر المؤتمر الدعو لإجراء دراسات وتنبؤات أكثر تنسيقا وتبادل البيانات والبحوث والخدمات وزيادة الأنشطة بين الدول الأعضاء مع زيادة التمويل من الميزانيات والتمويل من خارجها.

وأشار الأمين العام للمنظمة بيتيري تالاس أن “قضية الغلاف الجليدي موضوع ساخن ليس بالنسبة للمنطقتين القطبيتين فقط، بل قضية عالمية”.

وأعرب مندوبون من جميع أنحاء العالم عن قلقهم من تأثير ما يحدث في المنطقتين القطبيتين والمناطق الجبلية العالية على العالم بأسره، ولا سيما الدول الجزرية الصغيرة والمناطق الساحلية المكتظة بالسكان.

– تحذيرات مسبقة

في شهر مايو الماضي حذرت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، من أن الفترة بين عامي 2023-2027 ستكون بالتأكيد الأكثر سخونة على الإطلاق على الأرض، في ظل التأثير المشترك لظاهرة “النينيو”، والاحتباس الحراري الناجم عن انبعاثات الغازات الملوثة.

وأعلنت المنظمة أنه من المحتمل بنسبة 66 % أن يتجاوز المتوسط السنوي لدرجات الحرارة العالمية بالقرب من سطح الأرض، مستويات ما قبل العصر الصناعي بمقدار 1.5 درجة مئوية وذلك في عام واحد على الأقل في الفترة من 2023 حتى 2027.

ومن المحتمل بنسبة 98 % أن تكون سنة واحدة على الأقل منهذه السنوات الأكثر حرارة عبر التاريخ.

– ماذا يعني تغير المناخ؟

تغير المناخ يمكن أن يكون عملية طبيعية حيث تختلف درجات الحرارة وهطول الأمطار والرياح وعوامل أخرى على مدى عقود أو أكثر، ومنذ آلاف السنين كان عالمنا أكثر دفئا وبرودة مما هو عليه الآن لكننا نشهد اليوم ارتفاعا سريعا غير مسبوق في درجات الحرارة بسبب الأنشطة البشرية، ويرجع ذلك أساسا إلى حرق الوقود الأحفوري الذي يولد انبعاثات غازات الدفيئة.

ويعتقد الكثير من الناس أن تغير المناخ يعني أساسا ارتفاع درجات الحرارة فقط لكنه ليس سوى بداية القصة نظرا لأن كوكب الأرض عبارة عن نظام متكامل، حيث كل الأمور مرتبطة ببعضها البعض فإن التغييرات في منطقة واحدة يمكن أن تؤثر على التغييرات في جميع المناطق الأخرى.

وتشمل عواقب تغير المناخ الجفاف الشديد وندرة المياه والحرائق الكبيرة وارتفاع مستويات سطح البحر والفيضانات وذوبان الجليد القطبي والعواصف الكارثية وتدهور التنوع البيولوجي.

ومنذ القرن التاسع عشر كانت الأنشطة البشرية هي المحرك الرئيسي لتغير المناخ ويرجع ذلك أساسا إلى حرق الوقود الأحفوري مثل الفحم والنفط والغاز، وما ينتج عنه من انبعاثات غازات الاحباس الحراري التي تعمل مثل غطاء ملفوف حول الأرض مما يؤدي إلى حبس حرارة الشمس ورفع درجات الحرارة.

وتعد الطاقة والصناعة والنقل والمباني والزراعة واستخدام الأراضي من بين القطاعات الرئيسية المسببة لانبعاثات غازات الاحتباس الحراري.

ومع ارتفاع تركيزات غازات الاحتباس الحراري ترتفع درجة حرارة سطح الأرض،
ومنذ الثمانينيات كان كل عقد من الزمن أكثر دفئا من العقد السابق وتشهد جميع مناطق اليابسة تقريبا المزيد من الارتفاع في درجات الحرارة.

ومع موجات الحر ودرجات الحرارة المرتفعة تشتعل حرائق الغابات بسهولة أكبر وتنتشر بسرعة أكبر عندما تكون الأجواء أكثر سخونة وقد ارتفعت درجات الحرارة في القطب الشمالي بسرعة مضاعفة على الأقل عن المتوسط ​​العالمي.

وكان العقد الماضي 2011-2020، الأكثر دفئا على الإطلاق ومنذ الثمانينيات كان كل عقد أكثر دفئا من العقد السابق.

– أسباب تغير المناخ وآثاره

يعد الوقود الأحفوري والذي يشمل الفحم والنفط والغاز هو إلى حد بعيد أكبر مساهم في تغير المناخ العالمي، إذ يمثل أكثر من 75 % من انبعاثات الغازات الدفيئة العالمية وحوالي 90 % من جميع انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.

ونظرا لتواجدها ف الغلاف الجوي للأرض فإن انبعاثات الغازات الدفيئة تؤدي لحبس حرارة الشمس، وهو ما يؤدي إلى الاحتباس الحراري وتغير المناخ.

* توليد الطاقة

يتسبب توليد الكهرباء والحرارة عن طريق حرق الوقود الأحفوري في جزء كبير من الانبعاثات العالمية. ولا يزال توليد معظم كميات الكهرباء يتم عن طريق حرق الفحم أو الزيت أو الغاز، وينتج عن ذلك ثاني أكسيد الكربون وأكسيد النيتروز وهي غازات دفيئة قوية تغطي الأرض وتحبس حرارة الشمس.

وعلى الصعيد العالمي، يأتي أكثر من ربع الكهرباء بقليل من طاقة الرياح والطاقة الشمسية ومصادر الطاقة المتجددة الأخرى التي ينبعث منها القليل من غازات الدفيئة أو الملوثات في الهواء، على عكس الوقود الأحفوري.

* قطع الغابات

إن قطع الغابات سواء لإنشاء مزارع أو مراعي أو لأسباب أخرى يتسبب في انبعاثات كربونية، ويتم تدمير ما يقرب 12 مليون هكتار من الغابات كل عام، ونظرا لأن الغابات تمتص ثاني أكسيد الكربون فإن تدميرها يحد أيضا من قدرة الطبيعة على إبقاء الانبعاثات خارج الغلاف الجوي.

وتعد إزالة الغابات إلى جانب الزراعة والتغيرات الأخرى في استخدام الأراضي مسؤولة عن ما يقارب ربع انبعاثات الغازات الدفيئةالعالمية.

* وسائل النقل

تعمل معظم السيارات والشاحنات والسفن والطائرات بالوقود الأحفوري، مما يجعل النقل مساهما رئيسيا في انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، وخاصة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.

ولا تتوقف الانبعاثات من وسائل النقل على المركبات بالطرق فقط بل تمتد لتشمل السفن والطائرات أيضا، والنقل مسؤول عن ما يقارب ربع انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية المرتبطة بالطاقة.

* تزويد المباني بالطاقة

على الصعيد العالمي، تستهلك المباني السكنية والتجارية أكثر من نصف الكهرباء ومع استمرارها في الاعتماد على الفحم والنفط والغاز الطبيعي للتدفئة والتبريد، تنبعث منها كميات كبيرة من الغازات، وقد ساهم تزايد الطلب على الطاقة للتدفئة والتبريد، مع زيادة استخدام أجهزة تكييف الهواء، فضلاً عن زيادة استهلاك الكهرباء للإضاءة والأجهزة في زيادة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون المرتبطة بالطاقة من المباني في السنوات الأخيرة.

و”الاحتباس الحراري” هو ارتفاع درجة الحرارة السطحية المتوسطة لكوكب الأرض مع ارتفاع مستوى ثاني أكسيد الكربون وغاز الميثان وبعض الغازات الأخرى في الجو،
وتسمى هذه الغازات بـ”الغازات الدفيئة” لأنها تسام في تدفئة جو الأرض السطحي.

وتحدث هذه الظاهرة عند حبس أو احتباس حرارة الشمس في الغلاف الجوي للأرض بعد دخولها إليه، مما يرفع درجة حرارة الأرض ويجعلها أكثر دفئا ويتم ذلك من خلال امتصاص غازات الغلاف الجوي كثاني أكسيد الكربون لطاقة الشمس وحبسها بالقرب من الأرض مما يساهم في ارتفاع حرارة الأرض.

والاحتباس الحراري عملية طبيعية تساعد في الحفاظ على درجات حرارة مناسبة للحياة وبدونها يمكن أن تتحول الأرض إلى كوكب متجمد وغير صالح للسكن، لكن زيادة تركيز الغازات الدفيئة الناتجة عن النشاط البشري قد ضاعفت من تأثير الاحتباس الحراري الطبيعي بشكل كبير مما تسبب في الاحتباس الحراري الضار.

– آثار الاحتباس الحراري

إن لظاهرة الاحتباس الحراري آثار عدة تضر الكرة الأرضية والبيئة والمناخ والكائنات الحية بشكل كبير ومنها:

* التغير في درجة الحرارة
لا يكون ارتفاع درجة حرارة الأرض ثابت وبنفس الدرجة، فدرجة حرارة الهواء السطحي فوق اليابسة ترتفع بشكل أسرع من المحيطات وبالتالي تكون أكبر زيادة في درجة حرارة السطح فوق القطب الشمالي وسيؤدي ذلك لذوبان الثلوج والجليد في البر والبحر وانخفاض مساحة الأسطح المغطاة بالثلوج والجلد مما يزيد من الاحتباس وارتفاع درجة حرارة القطب الشمالي بنسبة الضعفين أسرع من بقية أنحاء كوكب الأرض.

* تغير أنماط هطول الأمطار
هناك علاقة مباشرة للاحتباس الحراري بالتغير في أنماط هطول الأمطار في جميع أنحاء العالم فقد شهدت بعض المناطق زيادة في هطول الأمطار الغزيرة أكثر من المعتاد كالمناطق القطبية وشبه القطبية وانخفضت في مناطق خطوط العرض الوسطى ومن المتوقع حدوث زيادة في هطول الأمطار بالقرب من خط الاستواء وانخفاض في المناطق شبه الاستوائية.

هذه التغييرات في أنماط الهطول ستؤدي إلى زيادة فرص تغير الطقس في العديد من المناطق فانخفاض هطول الأمطار في الصيف في أمريكا الشمالية وأوروبا وإفريقيا وزيادة معدلات التبخر بسبب ارتفاع درجات الحرارة سيؤدي إلى الجفاف في بعض المناطق بينما ستشهد بعض المناطق فيضانات كبيرة بسبب زيادة هطول الأمطار الغزيرة.

* ذوبان الجليد وارتفاع مستوى البحر
توقعت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ أن القطب الشمالي سيكون خاليا فعليا من الجليد البحري الصيفي بحلول عام 2050، فقد ساهم ذوبان الجليد في الأنهار الجليدية في جميع أنحاء العالم في ارتفاع مستوى سطح البحار والمحيطت، كما أن التمدد الحراري للمحيطات والبحار له دور أيضا في هذه الزيادة ويعني أن مياه البحر أو المحيط تأخذ مساحة أكبر مع ارتفاع درجة حرارتها، وقد ارتفع مستوى سطح البحر العالمي بين عامي 1901 و 2010 حوالي 19 سم.

* الأعاصير المدارية
سجل العلماء زيادة في درجات حرارة السطح وكثافة الأعاصير في المحيط الأطلسي منذ السبعينيات وقد اشارت هذه النتائج إلى أن الاحتباس الحراري له تأثير على أعاصير المحيط الأطلسي ويعتقد العلماء أنه من المحتمل أن يؤدي الارتفاع المستمر في درجات حرارة المحيطات الاستوائية إلى حدوث أعاصير أقوى على مستوى العالم في القرن المقبل.

* التأثير البيئي
يؤثر الاحتباس الحراري على النظم البيئية وعلى التنوع الحيوي للنباتات والحيوانات وأشكال الحياة الأخرى فالكائنات الحية تحدد نطاقاتها الجغرافية من خلال التكيف مع بيئتها بما في ذلك أنماط المناخ طويلة الأجل، وقد غيرت بعض النباتات والحيوانات نطاقاتها الجغرافية استجابة لارتفاع درجات الحرارة بالفعل، فعلى سبيل المثال وجد علماء الأحياء أن أنواعا معينة من الفراشات والطيور في نصف الكرة الشمالي هاجرت شمالا لتجنب هذا الارتفاع.

وهناك الكثير من التأثيرت الأخرى الضخمة للاحتباس الحراري لا سيما في مجالات الزراعة وإمدادات المياه وصحة الإنسان والبنية التحتية وهذا التأثير أصبح واضحا بالفعل في بعض المناطق من العالم.

– ما هي ظاهرة “النينو” المناخية؟

“النينو” ظاهرة طبيعية ويمكن وصفها أنها أقوى تقلب في نظام المناخ في أي مكان على وجه االأرض ويتمثل تأثيرها على المناخ في زيادة الاحتباس الحراري في عدة مناطق في العالم.

و”النينو” عبارة عن دورة مناخية تحدث المرحلة الساخنة كل سنتين إلى سبع سنوات في المحيط الهادئ ولها تأثير كبير على حالة الطقس في جميع أنحاء العالم، وعادة ما تبدأ هذه الدورة عندما تنتقل المياه الدافئة في المحيط الهادئ من الجهة الغربية للجزء الشرقي الاستوائي باتجاه سواحل أمريكا الجنوبية على طول خط الاستواء، وبعد ذلك تطفو هذه المياه الدافئة على مياه شمال غرب أمريكا الجنوبية.

عرفت ظاهرة “النينيو” منذ القرن 17 بعد أن اكتشفها الصيادون في المحيطات حين لاحظوا التغير السريع في درجات الحرارة في مياه المحيط الهادئ بشكل خاص وهي عبارة عن دورة مناخية في المحيط الهادي لها آثار كبيرة على حالة الطقس في جميع أنحاء العالم، وعادة تبدأ عندما تنتقل الميه الدافئة في المحيط الهادي من الجهة الغربية للجزء الشرقي الاستوائي، خاصة باتجاه سواحل أميركا الجنوبية على طول خط الاستواء.

تحدث الظاهرة بسبب تغير في ضغط الهواء، وتصير المياه الساحلية أكثر دفئا في المحيط الهادي الاستوائي الشرقي، وهو ما يؤدي إلى انخفاض الضغط الجوي فوق المحيط، وتندفع الرياح القوية غربا عبر المحيط الهادئ المداري.

تدفع الرياح المياه السطحية الدافئة نحو غرب المحيط الهادئ في المنطقة الواقعة بين آسيا وأستراليا فيرتفع مستوى سطح البحر بحدود 80 سنتيمترا، وتتحرك المياه الدافئة وترتفع المياه الباردة نحو السطح وتؤثر عملية تصاعد المياه لأعلى على المناخ العالمي في كل أنحاء الكوكب فيحدث التساقط الغزير للأمطار أو التعرض للجفاف.

فترة عامي 2015 و2016 سميت بـ”النينيو الأعظم” لأن تأثيرها زاد وامتد لمناطق عديدة في العالم بعد ارتفاع شديد لدرجة حرارة المحيط.

وتقول المنظمة العالمية للأرصاد الجوية إن الظاهرة ترتبط بالظروف الدافئة والجافة في المناطق الداخلية الجنوبية والشرقية من أستراليا، بالإضافة إلى إندونيسيا والفلبين وماليزيا وجزر المحيط الهادئ الوسطى مثل فيجي وتونجا وبابوا غينيا الجديدة.
كان عام 2016 أكثر الأعوام حرا على الإطلاق بسبب” التأثير المزدوج “لظاهرة النينيو القوية والاحترار الناتج من غازات الدفيئة الناجمة عن النشاط البشري.

أما منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة “فاو”، فإنها تلفت إلى أنه بجانب ما تسببه “النينيو” من فيضانات وحرارة شديدة أو برد شديد فإنها تتسبب في تفشي الأمراض الحيوانية والآفات النباتية وحرائق الغابات.

– الأمم المتحدة: التزموا بهذه الحلول قبل “انفجار قنبلة المناخ”

طرح تقرير صادر عن هيئة الأمم المتحدة الدولية المعنية بتغير المناخ حلولا على المديين القريب والبعيد للحد من سرعة تغير المناخ قبل أن تستفحل الظواهر المتطرفة المصاحبة له وتعصف بالعالم.

ورصد التقرير الخسائر والأضرار التي وقعت حتى الآن بسبب تغير المناخ والمتوقع استمرارها في المستقبل إن لم يتم الالتزام بالحلول المطروحة، ولفت إلى أن درجات الحرارة ارتفعت بالفعل بمقدار 1.1 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الصناعة نتيجة لأكثر من قرن من حرق الوقود الأحفوري مثل النفط والغاز.

كذلك من الأسباب استخدام الطاقة والأراضي بشكل غير متكافئ ما أدى لزيادة وشدة الظواهر الجوية المتطرفة كموجات الجفف الحاد والفيضانات الجامحة وحرائق الغابات الضخمة.

ولفت التقرير إلى أن قيمة الفوائد الاقتصادية التي ستعود على صحة الناس بسبب تحسين جودة الهواء ستعادل أو تفوق التكلفة التي ستدفع في سبيل تقليل أو تجنب الانبعاثات.

ووصف أنطونيو جوتيريش التقرير بأنه “دليل إرشادي لنزع فتيل القنبلة المناخية الموقوتة” مشددا على الحاجة للعمل المناخي على جميع الجبهات.

وأشارت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية التابعة للأمم المتحدة، إلى أن ظاهرة “النينيو” ستتواصل على مدار العام مع كثافة من المحتمل أن تكون “معتدلة على الأقل”، معلنة “بداية الحلقة” مع احتمال فرصة استمرارها في النصف الثاني من العام بنسبة 90%.

وفي 8 يونيو الماضي، أعلنت الإدارة الوطنية الأمريكية للمحيطات والغلاف الجوي، وصول ظاهرة “النينيو”، وعادة ما يصبح تأثير ارتفاع درجات الحرارة واضحا بعد عام من تطور الظاهرة وبالتالي فمن المرجح أن يكون ملموسا أكثر خلال عام 2024.

وقال مدير وكالة الأمم المتحدة للأرصاد الجوية والمناخ، بيتيري تالاس “وصول ظاهرة النينيو سيزيد بشكل كبير من احتمال تجاوز الأرقام القياسية لدرجات الحرارة، والتسبب في حرارة أشد في أجزاء كثيرة منالعالم وفي المحيطات”.

وأضاف “إعلان المنظمة عن الظاهرة، هو إشارة للحكومات في جميع أنحاء العالم من أجل ان تستعد للحد من آثارها على صحتنا ونظامنا البيئي واقتصاداتنا”، وشدد على أهمية أنظمة الإنذار المبكر والتدابير اللازمة لاستباق الظواهر الجوية المتطرفة المرتبطة بهذه الظاهرة المناخية الكبرى لـ”إنقاذ الأرواح وسبل العيش”.

– تقرير علمي يدعو الاتحاد الأوروبي إلى سرعة خفض الانبعاثات لتحقيق أهداف المناخ

دعا فريق استشاري علمي الاتحاد الأوروبي إلى تسريع جهوده بشكل كبير لخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري إذا رغب في تحقيق أهدافه المناخية لعامي 2030 و2050.

وكشف تقرير أعده فريق استشاري بارز في المرصد الأوروبي للحياد المناخي التابع للاتحاد الأوروبي -ونقلته صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية أن التقدم نحو تحقيق أهداف الاتحاد الأوروبي في العديد من القطاعات الاقتصادية، بما في ذلك هدفه المتمثل في تحقيق صافي انبعاثات صفرية بحلول عام 2050، ظل ضعيفا بشكل خاص في قطاعي الغابات والتمويل، حيث يحتاج الاتحاد إلى زيادة استثماراته السنوية في المناخ بمقدار 360 مليار يورو للمساعدة في الوصول إلى صافي الصفر.

وقالاتحاد المجموعات البحثية أيضا إنه يتعين على بروكسل تكثيف جهودها لمساعدة الأسر على تقليل انبعاثات الكربون مشيرا إلى أن الاتحاد الأوروبي صور نفسه كرائد في سياسات المناخ، مستهدفا خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بنسبة 55 % بحلول عام 2030 وصافي صفر بحلول عام 2050 خاصة بعد نجاحه عام 2021 في خفض انبعاثاته بنسبة 30 % مقارنة بمستويات عام 1990.

لكن يظل الوصول إلى هدف 2030 بحاجة إلى إجراء مزيد من التخفيضات بمقدار 132 ميجا طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون سنويا وفقا للتقرير وهو ما يقرب من الإنتاج السنوي لـ 332 محطة تعمل بالغاز.

وأضاف التقرير “أن بيانات السنوات الخمس الماضية قدمت رسالة واضحة مفادها أنه بينما استمرت الانبعاثات في أوروبا في الانخفاض، فإنه يلزم تحقيق معدل خفض أسرع لتلبية كل من هدف 2030 والحياد المناخي بحلول عام 2050”.

وأفادت “فاينانشيال تايمز” بأن المفوضية الأوروبية أنهت مشاوراتها لتحديد هدف 2040 للكتلة ومن المتوقع أن تقوم بأول تقييم رسمي للتقدم نحو هدف الصفر الصافي للانبعاثات في سبتمبر.. مع ذلك، حذر التقرير من أن فجوات البيانات تعيق قدرة المشرعين على اتخاذ قرارات مستنيرة بشأن الوول إلى الحياد المناخي.

وكشف التقرير أن متوسط البصمة الكربونية للاتحاد الأوروبي من الإنفاق الأسري قد انخفض بمعدل 1.2 % سنويا بين عامي 2014 و 2019، وهو معدل كان “بطيئا للغاية” لتحقيق هدف الحياد المناخي لعام 2050.

من جانبه، قال روب جيتين، وزير المناخ والطاقة الهولندي الذي يتفاوض نيابة عن الاتحاد الأوروبي في قمم المناخ التي تجريها الأمم المتحدة إنه من الأهمية أن تحقق أوروبا أهدافها الخاصة بخفض الانبعاثات لأن المنطقة تحتاج إلى القيادة وأن تكون قدوة في العمل المناخي، بالنظر إلى مسئوليتنا التاريخية.

– التنوع الحيوي في خطر

نتيجة ارتفاع نسب الغازات الدفيئة بفعل التلوث الصناعي وما تخلفه المصانع والمعامل من نفايات وسموم يتم بثها في الماء والهواء والتربة دون الالتفات لما تلحقه من أضرار جسيمة بالبيئة وتنوعها الحيوي كل ذلك أدى إلى تداعيات كارثية مخلة بالتوازن البيئي على كوكب الأرض.

وكشفت دراسة حديثة أجرتها جامعة “كوينز بلفاست” في أيرلندا، تراجعا مثيرا للقلق في أعداد أكثر من 70 ألف نوع من الحيوانات في كل أنحاء العالم، في بحث هو الأوسع عبر التاريخ.

ووجد الباحثون أن أعداد 48 % من الأنواع على الأر تشهد حاليا انخفاضا، في حين أن أقل من 3 % من الأنواع الحيوانية الأخرى يتزايد عددها.

ومع قياس مدى انقراض الأنواع تقليديا تبين أن 28 % من الحياة على الأرض مهددة حاليا بالانقراض.

في الوقت نفسه تظهر الدراسة أن نقص الأنواع ذات الأعداد المتزايدة يظهر أن الأنواع الأخرى لا تتطور لتحل محل الأنواع المنقرضة في النظام البيئي.

الباحثون قالوا إن النتائج هذه “تشكل جرس إنذار قوي” لأن فقدان التنوع البيولوجي العالمي الناجم عن التصنيع البشري “أكثر إثارة للقلق مما كان يعتقد سابقا”.

وينظر لفقدان التنوع البيولوجي على أنه أحد أخطر التحديات التي ستواجه البشرية في العقود المقبلة، نظرا لتأثيرها على عمل النظم البيئية وإنتاج الغذاء وانتشار الأمراض وبالتالي استقرار الاقتصاد العالمي.

ونتيجة لتلك التأثيرات الكبيرة يطرح الخبراء بعض الحلول ومنها:

* العمل على وضع استراتيجيات وبرامج ملزمة وجادة لحماية الأنواع المهددة بالانقراض والحد من خسائر التنوع الحيوي، لضمان صحة النظم الإيكولوجية وبالتالي صحة الإنسان واستدامة كوكبنا لوقف تراجع أعداد أنواع الحيوانات والنباتات على الأرض.

* حماية المناطق البرية والمحميات الطبيعي، بما في ذلك الغابات والأهوار والشعاب المرجانية والصحاري والسهول العشبية، فهذه المناطق توفر بيئات حيوية للكثير من الأنواع وتعمل على الحفاظ على التنوع البيولوجي والتوازن الطبيعي.

* العمل على الحد من المتاجرة غير المشروعة بالحيوانات والنباتات ومكافحة الصيد الجائر وغير المشروع والتخريب البيئي وتلويث الطبيعة.

* السعي لتعزيز مناخات السلام والتعاون الدولي لمكافحة التحديات العالمية المختلفة وأبرزها تغير المناخ، بدلا من إشاعة الحروب واستنزاف الطبيعة وتدمير توازنها، وتسخير تكنولوجيا الفضاء للأغراض السلمية والاستمرار بأعمال التوعية والتثقيف حول أهمية الحفاظ على التنوع البيولوجي وأثره الإيجابي المستدام على حياتنا ومستقبل الكوكب.

* تعزيز سبل التنمية المستدامة وتبني ممارسات تنموية تحقق التوازن بين الاحتياجات البشرية والحفاظ على التنوع البيولوجي ويمكن ذلك من خلال تعزيز الزراعة المستدامة، وتسريع التحول نحو الطاقة المتجددة وتقليل النفايات والتلوث وتعزيز التخطيط الحضري المستدام، والتعاون الدولي والعمل المشترك بين الحكومات، كون قضية حماية التنوع الأحيائي هي أكبر وأهم من الصراعات والمصالح السياسية والقتصادية.

– مصر وقضية التغيرات المناخية

تتعامل مصر مع قضية التغيرات المناخية بإهتمام كبير وتدرس تطورتها على مصر أولا ثم على المنطقة وعلى مختلف دول العالم، وتعد مصر من أكثر الدول المعرضة للمخاطر الناتجة عن تأثيرات التغيرات المناخية على الرغم من أنها من أقل دول العالم إسهاما فى انبعاثات غازات الاحتباس الحرارى عالميا بنسبة 0.6% من إجمالى انبعاثات العالم، طبقا للبيانات الوادرة بالإبلاغ الأخير لمصر حول حجم انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحرارى، والذى تم فى إطار قيام مصر بتنفيذ اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ التى وقعت عليها مصر عام ‏1994، وكذلك بروتوكول كيوتو الذى قامت مصر بالتصديق عليه عام ‏2005، ويتضمن تقديم تقارير الإبلاغات الوطنية من كل الدول الموقعة على الاتفاقية كل 5 أعوام.‏

وخلال أعمال قمة المناخ فى باريس 2016 أشار الرئيس عبد الفتاح السيسى لمخاطر زيادة درجة حرارة الأرض أكثر من درجة ونصف مئوية، مطالبا باتفاق عادل وواضح فيما يتعلق بالحفاظ على المناخ وضرورة التوصل لاتفاق دولى يضمن تحقيق هدفا عالميا يحد من الانبعاثات الضارة.

وطالب الرئيس المجتمع الدولى بدعم جهود مصر فىمساهماتها الطموحة لمواجهة التغير المناخى والتركيز على الدول النامية فيما يتعلق بتغييرات المناخ وتوفير 100 مليار دولار سنويا للتصدى للتغييرات المناخية بحلول عام 2020 ومضاعفته بعد ذلك.

– الاستراتيجية الوطنية للتغيرات المناخية في مصر 2050

أطلقت الحكومة المصرية فى 19 مايو 2022 “الاستراتيجية الوطنية لتغير المناخ في مصر 2050” كأحد أركان ضمان جودة واستمرار مشاريع التنمية، والنجاة من كوارث المناخ، الأمر الذى عكس الخطوات الكبيرة التى قطعتها مصر وما زالت فى طريق العمل المناخى محليا ودوليا لمواجهة أزمة تغير المناخ التى تشكل تهديدا لكافة مناحى الحياة بخطين متوازيين هما تقليل الانبعاثات والتعامل مع التغيرات المناخية المحتملة.

وتعد الإستراتيجية الوطنية للتغيرات المناخية 2050 ثمرة تعاون مشترك بين كافة جهات الدولة تزامنا مع ااستضافة قمة المناخ cop 27 بمدينة شرم الشيخ خلال نوفمبر الماضي وتعكس الإستراتيجية الشاملة رؤية مصر فى إدارة الملف المناخى والأهداف الوطنية بمشروعات التخفيف والتكيف ومحاور التمويل والتكنولوجيا والبحث العلمى بما يدعم تحقيق التنمية الإقتصادية باتباع نهج مرن منخفض الإنبعاثات، كما أنا تعد التزاما من الدولة بالمساهمة الفعالة فى جهود مكافحة تغير المناخ.

تعد مصر واحدة من أكثر الدول عرضة للآثار السلبية لتغير المناخ على العديد من القطاعات منها السواحل والزراعة والموارد المائية وقطاعات الصحة والسكان والبنية الأساسية، وهو ما يؤدى إلى إضافة تحد جديد إلى مجموعة التحديات التى تواجهها مصر فى إطار سعيها لتحقيق اهداف التنمية المستدامة، حيث تولى رؤية مصر 2030 أهمية لمواجهة الآثار المترتبة على التغيرات المناخية من خلال وجود نظام بيئى متكامل ومستدام يعزز المرونة والقدرة على مواجهة المخاطر.

اعتمد اعداد الإستراتيجية على نهج تشاورى مع جميع الجهات المعنية مع الإستفادة من خبرات الدول السابقة ذات الظروف المشابهة لمصر، وتم مراعاة ربط أهدافها بالأهداف الواردة فى رؤية مصر 2030، حيث تعد الاستراتيجية الوطنية لتغير المناخ فى مصر 2050 بمثابة خارطة طريق لتحقيق “الهدف الفرعي الثالث من رؤية مصر 2030 المحدثة وهو “مواجهة تحديات تغير المناخ”، حيث تمكن الإستراتيجية مصر من تخطيط وإدارة تغير المناخ على مستويات مختلفة بطريقة تدعم تحقيق الأهداف الاقتصادية والإنمائية المرغوبة للبلاد.

– أهداف الإستراتيية

تتكون الاستراتيجية الوطنية لتغير المناخ في مصر 2050 من خمسة أهداف رئيسية تنبثق منها أهداف فرعية:

1 – تحقيق نمو اقتصادي مستدام وتنمية منخفضة الانبعاثات في مختلف القطاعات.

2 – بناء المرونة والقدرة على التكيف مع تغير المناخ وتخفيف الآثار السلبية المرتبطة بتغير المناخ.

3 – تحسين حوكمة وإدارة العمل في مجال تغير المناخ.

4 – تحسين البنى التحتية لتمويل الأنشطة المناخية، والترويج للأعمال المصرفية الخضراء المحلية، وخطوط الائتمان الخضراء، إلى جانب الترويج لآليات التمويل المبتكرة التي تعطي الأولوية لإجراءات التكيف.

5 – تعزيز البحث العلمي ونقل التكنولوجيا وإدارة المعرفة والوعي لمكافحة تغير المناخ، وتسهيل نشر المعلومات المتعلقة، وإدارة المعرفة بين المؤسسات الحكومية والمواطنين، وزيادة الوعي بشأن تغير المناخ بين مختلف أصحاب المصلحة (صانعي السياسات والقرارات، والمواطنين، والطلاب) .

Categories