بعد أن نجح عملاقا الطاقة والبتروكيميائيات بالعالم شركتا أرامكو السعودية، وسابك في إرسال أول شحنة من الأمونيا السعودية قليلة الانبعاثات لتوليد الطاقة إلى اليابان في مشروع تجريبي، واصل العملاقان التوسع وتعزيز تنافسيتهما في إنتاج المزيد ليتحصلا على أول اعتماد في العالم من جهة محايدة لمنتجات الهيدروجين والأمونيا قليلة الانبعاثات، مما دفع كوريا الجنوبية لتأمين صفقات توريد سعودية لنفس المنتج في أواخر ذلك العالم، وثم واصلت اليابان الحصول على المزيد من الشحنات في العام الماضي.
أرامكو وسابك تنجحان في إنتاج وتصدير الوقود قليل الانبعاثات لكبار المستوردين
دفعت قوة جودة الأمونيا السعودية قليلة الانبعاثات لتوليد الطاقة، اليابان مجدداً للحصول على المزيد من الشحنات في 2023، وبالتالي وصلت أول شحنة من الأمونيا قليلة الانبعاثات حاصلة على شهادة معتمدة من جهة محايدة لاستخدامها وقودًا لتوليد الكهرباء، ما يُعد علامة فارقة في مسيرة تطوير حلول الطاقة منخفضة الانبعاثات الكربونية.
وتأتي هذه الشحنة ثمرة تعاونٍ فعّال بين عدة جهات في سلسلة القيمة للأمونيا قليلة الانبعاثات، فقد أنتجت شركة سابك للمغذيات الزراعي الأمونيا باستخدام (اللقيم) المنتج من أرامكو السعودية، وجرى بيعها لشركة فوجي أويل (“إف أو سي”) اليابانية عن طريق شركة أرامكو للتجارة. وتولّت شركة ميتسوي أو إس كي لاينز (“إم أو إل”) مسؤولية نقل السائل إلى اليابان، ثم تم نقل الأمونيا قليلة الانبعاثات إلى مصفاة سوديغوارا حيث يتم استخدامها في توليد الكهرباء عن طريق الحرق المشترك، بدعم فني من شركة جابان أويل إنجنيرنغ كو (“جي أو إي”).
وتُصنَّف الأمونيا على أنها قليلة الانبعاثات لأن كمية ثاني أكسيد الكربون المنبعثة أثناء إنتاجها سبق احتجازها واستخدامها في تطبيقات التكرير والمعالجة.
وأعلنت وزارة الاقتصاد والتجارة والصناعة اليابانية عن خطط لزيادة استخدام الأمونيا كوقود لتوليد الكهرباء وأنظمة دفع السفن، وذلك ضمن الجهود المبذولة لتحقيق أهداف البلاد الرامية إلى إزالة الكربون بحلول عام 2050م. وتُعدّ شحنة الأمونيا قليلة الانبعاثات التي وصلت إلى اليابان جزءًا من جهود كبيرة تبذلها أرامكو السعودية وشركة سابك للمغذيات الزراعية لإنشاء شبكة إمدادات عالمية من هذا الوقود منخفض الانبعاثات الكربونية، كما تطلع استعداد الشركتين إلى توريد الأمونيا قليلة الانبعثات لتلبية احتياجات الطلب المبكر للعملاء الآخرين.
وتُعدّ هذه الشحنة مثالًا بارزًا آخر يسلط الضوء على إمكانات الهيدروجين قليل الانبعاثات والأمونيا المصنوعة من اللقيم في أرامكو السعودية، والتي تملك القدرة على لعب دور مهم في مستقبل منخفض الانبعاثات الكربونية، بسحب النائب الأعلى للرئيس للكيميائيات في أرامكو السعودية، أوليفييه ثوريل، الذي علق بالقول: “لا تُعد الأمونيا قليلة الانبعاثات وسيلة لنقل الهيدروجين قليل الانبعاثات فحسب، بل إنها مصدر طاقة مهم بحد ذاته يمكن أن يساعد في إزالة الكربون من القطاعات الرئيسة -بما في ذلك توليد الطاقة لكل من المرافق والصناعات-. ومن خلال إرسال هذه الشحنة من الأمونيا قليلة الانبعاثات المعتمدة إلى اليابان، فإننا نساعد في رسم مسار لتطوير هذه السلعة الحيوية”.
ومن جانبه، قال الرئيس التنفيذي لشركة سابك للمغذيات الزراعية، عبدالرحمن شمس الدين: “هدفنا هو الاستفادة من هذ الإنجاز المهم لتنمية وتوسيع نطاق إسهاماتنا الإيجابية للوصول إلى الحياد الكربوني.
ولم تكتف سابك للمغذيات الزراعية بإعلان التزامها بتحقيق الحياد الكربوني بحلول 2050م، بل أعلنت تعاونها مع عملائها لدعمهمفي تحقيق أهدافهم في هذا الإطار. ويبحث العملاء في قطاعات الطاقة والأسمدة والكيميائيات عن موردي الهيدروجين منخفض الكربون والأمونيا منخفضة الكربون. ويمكننا تحقيق تطلعاتهم بالاستفادة من نقاط القوة التي تتمتع بها الشركة منذ فترة طويلة في جميع مراحل سلسلة القيمة”.
وفي السياق نفسه، قال الرئيس والمدير الممثل لشركة “إف أو سي”، شيجيتو ياماموتو: “نظرًا لطموحات اليابان بتحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2050م، فمن المتوقع أن تكون الأمونيا قليلة الانبعاثات وقودًا من الجيل التالي يمكن أن يسهم في تقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الناتجة من أعمالنا، كنا نعمل على إطلاق غاز الأمونيا من مصفاة سوديغورا، ونخطط لاستخدام الأمونيا قليلة الانبعاثات المستوردة كوقود هذه المرة بالتعاون مع شركائنا، في نفس المرجل. وسنواصل هذه الجهود للمساهمة في بناء سلسلة توريد الأمونيا”.
ومن جانبه، قال الرئيس التنفيذي لشركة أرامكو للتجارة، محمد الملحم: “يجسد هذا الإنجاز ثمرة التعاون الوثيق بين الشركات داخل أرامكو السعودية وسابك وأرامكو للتجارة وشركائنا اليابانيين، ويمثّل بالفعل دفعةً كبيرة لجهود الاستدامة”.
وعلى الصعيد نفسه، قالنائب الرئيس التنفيذي والمدير الممثل لشركة “إم أو إل”، توشياكي تاناكا: “من المتوقع أن يزداد الطلب على الأمونيا كمصدر للطاقة النظيفة من الجيل التالي. وتهدف اليابان للوصول لمجتمع خالٍ من الكربون بحلول عام 2050م. ويسعدنا جدًا أن نستورد الأمونيا قليلة الانبعاثات المعتمدة بشكل مستقل من المملكة العربية السعودية. نحن نعمل للوصول إلى سجل حافل من الخدمات الآمنة والموثوقة من خلال وسائط النقل المتعددة وفقًا لاحتياجات عملائنا، ومن خلال الدمج بين معرفتنا المتراكمة والمشاركة الاستباقية في مجموعة واسعة من سلاسل القيمة نطمح للمساهمة في الوصول إلى مجتمعات خالية من الكربون”.
وتمتد شبكة إمدادات الأمونيا الزرقاء السعودية اليابانية عبر سلسلة القيمة الكاملة، ويشمل ذلك تحويل المواد الهيدروكربونية إلى هيدروجين ثم إلى أمونيا، وفي الوقت نفسه، احتجاز انبعاثات ثاني أكسيد الكربون المصاحبة. ويسلّط هذا الإنجاز الضوء على أحد المسارات العديدة ضمن مفهوم “اقتصاد الكربون الدائري” الذي تعرّف به المملكة، وعرف بها، وهو إطار يتم فيه تقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون وإزالتها وإعادة تدويرها، وإعادة استخدامها بدلًا من إطلاقها ي الغلاف الجوي.
وتنقل اليابان التقنية السعودية لإنتاج الامونيا الزرقاء، التي اثبتت نجاحها في توليد الطاقة لديها، إلى كندا حيث ستعمل “إيتوتشو” في المشروع مع “بتروناس إنرجي كندا”، وهي الشركة الكندية الفرعية لشركة بتروناس النفطية الماليزية المملوكة للدولة، وشركة بنية تحتية كندية غير محددة. وستكون دار التجارة اليابانية “إيتوتشو” مسؤولة عن المبيعات والخدمات اللوجستية للأمونيا، مع الأخذ في الاعتبار الصادرات المحتملة إلى منتجي الطاقة والمعادن والبتروكيميائيات اليابانيين. تهدف الشركات إلى البدء في إنشاء المصنع الذي تبلغ طاقته مليون طن سنويًا في عام 2023.
كما وافقت “إيتوتشو” على دراسة جدوى إنشاء سلسلة قيمة للأمونيا الزرقاء في سيبيريا مع شركة إركوتسك أويل الروسية. ويقود البيت التجاري مجموعة عالمية من 23 شركة للبحث في استخدام الأمونيا الخضراء كوقود للسفن، مع الوقود المنتج من مصادر الطاقة المتجددة بدون انبعاثات.
وتهدف اليابان إلى تطوير سلاسل توريد الأمونيا لأمن الطاقة في البلاد. وتستهدف وزارة الاقتصاد والتجارة والصناعة اليابانية حصة 1 ٪ من الهيدروجين والأمونيا لأول مرة في مزيج الطاقة الياباني لمخطط له في أبريل 2030 – مارس 2031.
وتتوقع اليابان أن تمثل مصادر إمداد الطاقة بالوقود غير الأحفوري ما يقرب من 60 ٪ من مزيج الطاقة في البلاد في السنة المالية 2030-31 (أبريل-مارس). وبموجب مسودة خطة الطاقة الإستراتيجية الصادرة في 21 يوليو، تهدف الدولة إلى مواءمة 46 ٪ من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري أو هدف خفض الغازات الدفيئة بحلول نهاية هذا العقد.
ومن المقرر أن تبلغ حصة اليابان من الغاز الطبيعي المسال في مزيج الطاقة حوالي 20 ٪، والفحم 19 ٪ والنفط 2 ٪ في السنة المالية 2030-31، وفقًا لتوقعات في خطة الطاقة الاستراتيجية مقارنة بـ 37٪ للغاز الطبيعي المسال، و32 ٪ للفحم، و7 ٪ للنفط في السنة المالية 2019-20، حسب المسودة.
وتكشف أحدث خطة إستراتيجية للطاقة، نيّة اليابان في اتخاذ سلسلة من إجراءات سياسة العرض والطلب، بالإضافة إلى دعم الابتكار التكنولوجي، لتسريع تحركها للحد من انبعاثات الغازات الدفيئة، مع الحفاظ على قبضتها المحكمة لضمان استقرار إمدادات الطاقة خلال الفترة الانتقالية. وأظهرت مسودة خطة الطاقة الإستراتيجية، وهي سياسة الطاقة الأساسية في البلاد، تحولًا كبيرًا في سياسة الطاقة اليابانيةالتي تركز على إزالة الكربون من قطاع الطاقة، والذي يمثل 80 ٪ من انبعاثات غازات الدفيئة في البلاد، في إطار جهودها نحو 2050 حيادية الكربون.
وكانت شركة أرامكو السعودية قد نجحت مع معهد اقتصاديات الطاقة الياباني، بالشراكة مع الشركة السعودية للصناعات الأساسية “سابك”، في إنتاج وتصدير أول شحنة من الأمونيا الزرقاء من المملكة العربية السعودية إلى اليابان، حيث تم تصدير أربعين طنًا من الأمونيا الزرقاء عالية الجودة إلى اليابان لاستخدامها في توليد الطاقة الخالية من الكربون.
في وقت أصبح استخدام الأمونيا في الطاقة، ناجحًا على نطاق واسع إذ أنها ستُسهم في جعل أسواق الطاقة العالمية نظيفة أكثر، حيث تحل شحنات الأمونيا السعودية محل مصادر الطاقة الملوثة مثل الفحم في اليابان وكندا. وتواصل شركة أرامكو السعودية العمل مع شركاء مختلفين من جميع أنحاء العالم في إيجاد حلول من خلال نشر تقنيات متطورة لإنتاج طاقة منخفضة الكربون لمواجهة التحدي المناخي العالمي.
وتعتبر اليابان الأمونيا الزرقاء مهمة للغاية لطموحاتها فيما يتعلق بخفض الانبعاثات الكربونية بهدف المحافظة على التوازن بين البيئة والاقتصاد، وترى إمكانية توليد والي 10 % من الطاقة في اليابان بواسطة 30 مليون طن من الأمونيا الزرقاء. لذلك ترى اليابان بإمكانها أن تبدأ بإطلاق هذه المادة على نحو مشترك في محطات الطاقة الحالية، ثم تنتقل في النهاية إلى الحرق الأحادي بنسبة 100 % من الأمونيا الزرقاء.
وهناك دول مثل اليابان لا يمكنها بالضرورة الاستفادة من احتجاز الكربون واستغلاله وتخزينه أو عملية استعادة النفط بسبب ظروفها الجيولوجية، ولكن سيساعد غاز الأمونيا / الهيدروجين الأزرق الكربوني المحايد في التغلب على هذا العائق