تقف الصياغة التنظيمية الغامضة حول قواعد استيراد الأمونيا الخضراء في الاتحاد الأوروبي، الذي يخطط لاستيراد نحو 10 ملايين طن متري من الهيدروجين الأخضر بحلول عام 2030، عائقًا أمام التحول الطموح نحو اقتصاد الهيدروجين في أوروبا.
وقد أدى تخطيط المطورين لبناء محطات لاستيراد الأمونيا إلى تأخير الاستثمارات الحيوية، مشيرين إلى مخاوف بشأن الآثار المترتبة على بند محدد ضمن الحزمة، وفقًا لما اطلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
وبرزت الأمونيا الخضراء باعتبارها تقنية واعدة لنقل الهيدروجين؛ ما أدى إلى جذب العديد من المطورين في جميع أنحاء العالم، بحسب ما نشره موقع إنرجي نيوز (energynews) في 21 سبتمبر/أيلول الجاري.
الأمونيا الخضراء تنافس خطوط الغاز لنقل الهيدروجين.. من يحسم السباق بتكلفة أقل؟
وتُعَد مزايا الأمونيا الخضراء المتمثلة في الكثافة الحجمية الأكبر وسهولة النقل مقارنة بالهيدروجين المضغوط أو السائل، من الأسباب التي تجعلها خيارًا جذابًا لمشروعات الهيدروجين التي تركز على التصدير، وخصوصًا تلك التي تهدف إلى إمداد السوق الأوروبية.
التساؤلات والمخاوف
أثار بند حزمة أسواق الهيدروجين الأخضر في أوروبا، الذ اقترحته المفوضية الأوروبية، تساؤلات ومخاوف بين أصحاب المصلحة في الصناعة.
وينص ذلك البند على ما يلي: “تشكل محطات تحويل الهيدروجين السائل أو الأمونيا السائلة إلى هيدروجين غازي وسيلة لاستيراد الهيدروجين، لكنها تنافس وسائل نقل الهيدروجين الأخرى”.
وعلى الرغم من وجوب ضمان وصول طرف ثالث إلى هذه المحطات، ينبغي أن يكون للدول الأعضاء خيار فرض نظام للوصول عن طريق التفاوض لطرف ثالث بهدف خفض التكاليف الإدارية للمشغلين والسلطات التنظيمية.
وأدى تفسير بعض الشركات لهذا الشرط إلى مخاوف من ضرورة ضمان وصول طرف ثالث لوحدات تكسير الأمونيا.
تخزين مجموعة خلية لوقود الهيدروجين داخل حاوية الشحن
تخزين مجموعة خلية لوقود الهيدروجين داخل حاوية الشحن – الصورة من سيمنس إنرجي
وتُمثّل وحدات تكسير الأمونيا الآلات المسؤولة عن تحويل الأمونيا إلى هيدروجين ونيتروجين، وهي خطوة ضرورية في استعمال الأمونيا الخضراء المستوردة لمختلف التطبيقات؛ بما في ذلك خلايا وقود الهيدروجين، وفق المعلومات التي رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.
ومن المحتمل أن يمنع هذا التفسير المشروعات من تأمين عقود طويلة الأجل لقدرة تكسير الأمونيا، وهو جانب حوي في تمويل المشروعات.
الاتحاد الأوروبي يدعم مشروعات الهيدروجين النظيف بـ334 مليون دولار
من ناحيتهم يسعى المستثمرون إلى زيادة الاستفادة من مرافق التكسير منذ البداية لضمان عائد سريع على استثماراتهم الكبيرة، وفق البيانات التي اطلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.
وأعربت شركات مثل إنرجي بادن فورتمبيرغ، وفيربوندنتس غاز، وجيرا، ويونيبر، ومابانافت، وإير برودكتس، التي تشارك بنشاط في مشروعات الأمونيا الخضراء، عن مخاوفها بشأن المتطلبات التنظيمية التي يمكن أن تعوق الاستثمار وتؤخر الجداول الزمنية للمشروع.
تجدر الإشارة إلى أن المناقشات بين الاتحاد الأوروبي والحكومة الألمانية مستمرة؛ ما يزيد من تعقيد المشهد الاستثماري.
في المقابل، تشير المفوضية الأوروبية إلى أن هذه المخاوف قد تكون مبالغًا فيها؛ إذ تُسهِم عدة عوامل في الضبابية المحيطة بالمشهد التنظيمي. ولا تزال حزمة أسواق الهيدروجين والغاز المحايد كربونيًا تخضع للعملية التشريعية، بانتظار موافقة البرلمان الأوروبي على النص النهائي.
التفاوض على وصول طرف ثالث
اقتراح “التفاوض على وصول طرف ثالث” يُقصد به لمحطات الأمونيا المتصلة بخطوط أنابيب الهيدروجين ف أوروبا؛ إذ ترى المفوضية الأوروبية أن هذا الاقتراح لا يمنع بالضرورة الشركات من الدخول في اتفاقيات طويلة الأجل للوصول.
إضافة إلى ذلك، تؤكد المفوضية أن الاقتراح يتضمّن إعفاءات للبنية الأساسية الجديدة المهمة، مثل محطات الأمونيا، وخاصة عندما يطلب المطورون هذه الإعفاءات لاتخاذ قرار الاستثمار النهائي.
في حين أن صناعة الهيدروجين في أوروبا تتصارع مع المخاوف التنظيمية، يبقى أن نرى ما إذا كان وصول طرف ثالث سيصبح نقطة خلاف محورية للمطورين.
ومع نضوج القطاع وتطور الأطر التنظيمية؛ فإن وضوح لوائح استيراد الأمونيا يدعم صياغة مستقبل الهيدروجين الأخضر في أوروبا.