يحتلّ إنتاج الفحم النظيف أولوية كبرى لدى الباحثين -في الآونة الأخيرة-، في ظل رفض عدد من الدول الصناعية الكبرى التوقف النهائي عن استعمال هذا الوقود الملوث، في محاولة للحصول عليه واستعماله بتقنيات جديدة للحد من الانبعاثات الكربونية.
وفي هذا الإطار، توصل باحث مصري إلى تقنية جديدة لتحويل الكتلة الحيوية إلى فحم نظيف لاستعماله في المناطق الزراعية وبعض الصناعات كثيفة الانبعاثات، مثل الأسمنت والأسمدة.
وأوضح المعيد والباحث في معمل الطاقة والمناخ بكلية الهندسة جامعة عين شمس، محمد رجب، أن العالم ما يزال يوجه تحديًا كبيرًا في مواكبة الطلب المتزايد على الطاقة في ظل الزيادة السكانية المتسارعة وعدم استقرار أسعار الوقود الأحفوري، مما استدعى تركيز الجهود على تطوير التقنيات في قطاع الطاقة النظيفة.
هدف المشروع
قال رجب -في تصريحات إلى منصة الطاقة المتخصصة-، إن فكرة المشروع جاءت من انتشار مكامير الفحم المُلوثة للبيئة داخل الأراضي الزراعية في بعض المحافظات المصرية، مثل الدقهلية وكفر الشيخ.
وأضاف أن المزارعين يجمعون الأخشاب والحطب في هذه المكامير لتسخينها لإنتاج الفحم للاستعمال والبيع، مشيرًا إلى أنه ينج عن هذه العملية انبعاثات كربونية كثيرة وغازات سامة.
وتابع: “التغلب على هذه المشكلة كان يستدعي تطوير تقنية أكثر كفاءة وعملية لإنتاج الفحم العضوي، مع الحدّ من الانبعاثات الكربونية الناتجة عن هذه العملية”.
مفاعل مرن
أوضح الباحث المصري أن فكرة المشروع تقوم على تصميم مفاعل بحجم صغير لاستعماله على نطاق محدود، لسهولة حمله ونقله من مكان إلى آخر للاستغناء عن المحطات الكبيرة التي تتجمع فيها المخلفات الزراعية.
وسلّط الضوء على عملية نقل المخلفات الزراعية بين المدن والمحافظات المختلفة لجمعها في مفاعل كبير كانت تمثّل تكلفة مرتفعة للغاية، لذا يمكن حل هذه المشكلة من خلال المفاعل الجديد، الذي يتّسم بسهولة نقله من مكان إلى آخر.
وأفاد أن المفاعل الجديد يعمل بقدرة محدودة أو متوسطة نسبيًا، ويعتمد على تقنية التحميص.
الفحم النظيف
وأشار الباحث إلى أن المخلفات الزراعية تدخل للمفاعل الجديد، لتمرّ بعمليات حرارية لتجفيفها من المياه والرطوبة وكسر الروابط الأولية لمركبات الكتلة الحيوية فيما يسمى بعملية “التحميص”.
وتهدف عملية التحميص إلى جعل الكتلة الحيوية في صورة صلبة تصلح للنقل والتخزين، فضلًا عن رفع نسبة لكربون في الوقود الناتج، مما يزيد كفاءته.
كما أُجريت عملية محاكاة وقياس للعوامل التي تتحكم في عملية التحميص، مثل درجة الحرارة، وزمن المكوث.
الفحم النظيف
تعزيز كفاءة الطاقة
قال المهندس محمد رجب -في تصريحاته إلى منصة الطاقة المتخصصة-، إن المفاعل الجديد قد نجح في تعزيز كفاءة الطاقة -أيضًا- باعتماده على الوقود المُخزّن في الكتلة الحيوية، دون الحاجة إلى إمداده بمصدر طاقة خارجي، على خلاف المفاعلات التقليدية التي تعتمد على الكهرباء والغاز للتسخين.
وأضاف أن المفاعل لا يحتاج إلى مصدر طاقة إلّا عند بداية التشغيل لإحراق المخلفات الزراعية عند درجة الحرارة اللازمة لإتمام هذه العملية، التي تتراوح ما بين 200 و300 درجة مئوية، ثم يبدأ الاعتماد على الطاقة المُختزنة داخل الكتلة الحيوية لتحويلها إلى الفحم الحيوي، الذي يكون أقل تلويثًا من الفحم المُستخرج من المناجم.
وتابع أن الفحم الناتج يمكن استعماله بمثابة سماد للتربة أو في تشغيل محطات الكهرباء العاملة بالفحم، كما يدخل في عدّة صناعات، من بينها فلاتر المياه والأسمنت والأسمدة وغيرها من قطاعات الصناعة التي تتطلب قدرًا هائلًا من الطاقة.
إذ إن الفحم الاتج من التقنية الجديدة يمكن إنتاجه بتكلفة أقلّ، كما يتّسم بجودة أعلى.