أنهت الجمعة اللجنة الوزارية المختلطة، زيارتها إلى منطقة منونات ببلدية العبادلة على بعد نحو مائة كيلومتر جنوب بشار، في إطار وضع اللمسات التقنية الأخيرة التي تمهد لدخول مشروع منجم الفحم الحجري، التابع للشركة الجزائرية التركية “طنش”، حيز الاستغلال في الأيام القليلة القادمة.
وتضم للجنة المشتركة قطاعات الطاقة والمناجم، الأشغال العمومية، الديوان الوطني للمواد المتفجرة، الوكالة الوطنية للنشاطات المنجمية، تحت إشراف وزير الطاقة والمناجم وهي مشكلة من خبراء في المناجم من مهندسي الأشغال العمومية وأنهت آخر التجارب التقنية الثالثة بنجاح في عمليات الاستكشاف الجيولوجية، الجيوفيزيائية والتقنو منجمية، مع تأكيد بيان مديرية الطاقة والمناجم للولاية، على إتمام المرحلة الأخيرة الموصوفة بـ “المفصلية” بنجاح، من قبل كوادر وزارة الطاقة والمناجم والوكالة الوطنية للنشاطات المنجمية، في سياق إتمام مخطط عمليات الاستكشاف التقني ورفع كافة التحفظات، ووضع كل الترتيبات، ومضاعفة الجاهزية تمهيدا لدخول منجم الفحم الحجري حيز الاستغلال في الآجال المحددة.
وأبرز المصدر، أنه تم مراقبة كل هياكل شركة “طنش”، وتم تقديم توجيهات ونصائ للمسيرين من أجل رفع النقائص المسجلة والتأكيد على اتخاذ كافة التدابير الأمنية لتلافي وقوع حوادث مكروهة.
كما عكف الفريق التقني طيلة الفترة السالفة من تواجده، على إجراء لقاءات تنسيقية مع عدد من المسؤولين المحليين، لتحسيس الجميع بمرافقة هذا الاستثمار الحيوي، الذي من شأنه إنعاش قطاع المناجم وتحويله إلى قاطرة للاقتصاد الوطني.
وأبدت مديرية الطاقة والمناجم لولاية بشار، تفاؤلا كبيرا للتجارب التقنية الأخيرة، التي سارت نحو الهدف الوزاري المخطط بمنح ترخيص استغلال منجم الفحم الحجري في منونات بدائرة العبادلة في شهر جوان كأقصى تقدير. واستعملت المصالح الوصية بالتنسيق مع المجمع الصناعي الجزائري التركي، وسائل تكنولوجية عالمية، في الاستكشاف من جيوفيزياء، طموغرافيا تقنيات الرنين المغناطيسي التي تلتها الموجات الصوتية لتحديد اتجاهات الجسم المنجمي والفوالق وكل تفاصيل الباطن، وبالتوازي مع استعمال طرق حديثة في دراسة البيئة المنجمية والحصول على عينات باطنية بآلات الحفر ورسم خرائط بمختلف اختصاصات الجيولوجيا التطبيقية، لتجهيز المنجم ومنحه رخصة الاستغلال الفعلي في وقته المحدد.
وطبقا لما أورده المصدر، فإنه سيسمح ابدء في استغلال هذا المنجم، من قبل المجمع الصناعي الجزائري التركي، على مساحة 144 هكتار قابلة للتوسعة، في مرحلة أولى لاستخراج ما بين 7.000 و10.000 طن من الفحم شهريا، حيث تكون موجهة لتلبية الاحتياجات الوطنية إضافة إلى التصدير في مرحلة قادمة.
عملاق الفحم جاهز
ويستعمل منجم الفحم الحجري لأغراض صناعة الحديد والصلب، وتوفير المادة الخام التي لطالما كانت تستورد من الخارج، بحيث ينتظر منه استعادة المكانة المنجمية لحوض بشار والجنوب الغربي، الذي يحوز على موارد منجمية معتبرة، على غرار منجم المنغنيز المتواجد بمنطقة قطارة (250 كلم جنوب بشار)، كما سيسهم منجم “منونات” في مضاعفة النمو الاقتصادي والتنمية المستدامة وخلق الثروة وخلق ما بين 400 و500 منصب شغل جديد لاسيما لفائدة اليد العاملة المحلية.
ومعلوم أن هذا الاستثمار الذي تم إقراره في إطار المخطط الوطني لإعادة تنشيط قطاع المناجم (2020-2024)، من شأنه أن يلبي احتياجات مختلف المركبات الصناعية المعدنية عبر الوطن وتنمية الإيرادات، والإسهام في تعزيز تنويع الاقتصاد الوطني. وكان وزير الطاقة والمناجم، محمد عرقاب، أكد خلال، فعاليات ملتقى الترويج وتطوير الاستثمار ي قطاع المناجم، في شهر مارس، على أهمية تسريع استغلال المناجم، تنفيذا لتعليمات رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، ومن بينها الذهب والحديد والزنك والفوسفات والفحم، للاستفادة منها وتنويع مصادر الدخل الوطني وجذب الاستثمارات المباشرة الأجنبية.
ومعلوم أن الجزائر، تراهن كثيرا على تثمين الموارد المعدنية والاستثمار في الثروات المنجمية التي يزخر بها باطن الأرض، خاصة في الجنوب الكبير، وذلك لكسب رهان تنويع الاقتصاد، إذ تعتبر الاحتياطات المنجمية ورقة رابحة ضمن خطة الخروج من دائرة المحروقات، خصوصا في ظل ارتفاع أسعار المواد الأولية والمعادن في الأسواق الدولية، وهو ما يشكل فرصة من ذهب للجزائر من أجل استخراج ورقة احتياطاتها المنجمية الهائلة، وهو الأمر الذي من شأنه تقليص فاتورة الاستيراد.
وبحسب المهندس المنجمي عبد الخالق ودان فإن الدولة تتبنى إستراتيجية واضحة المعالم، فيما يخص قطاع المناجم من خلال الاستكشاف بقطاع التعدين والنشاطات المنجمية، في إطار خطة تنشد تحقيق تنمية شاملة ومستدامة على مدى السنوات المقبلة، ولفت ودان، في تصريح لـ “الشروق” إلى أن الشراكات الصينية والتركية تحديداً، التي أبرمتها الجزائر مع شكائها الأجانب في إطار استغلال الكنوز المنجمية، خاصة ما تعلق بمشروع استغلال منجم الفحم الحجري في منونات بدائرة العبادلة أو العملاق المنجمي أو ثالث احتياطي مناجم في العالم “غار جبيلات” في أم العسل في تندوف، يمثل “آمال الساكنة وقطب تنموي للمنطقة وبعض ولايات جنوب غرب البلاد لما يوفره من مناصب عمل للشباب”.