المغرب يحث الخطى لزيادة جرعة تحفيز صناعة الفوسفات

جدول المحتويات
تاريخ النشر

  الرباط – واجهت مبيعات المغرب من الفوسفات مطبات خلال الأشهر الأولى من هذا العام بفعل التقلبات التي تمر بها الأسواق العالمية في وقت يحث فيه البلد الخطى لدعم استثماراته لضمان استمرار الريادة في إنتاجه على المستوى العالمي. وَوِفق تقرير للوزارة المكلفة بالميزانية، تسلمه البرلمان في منتصف هذا الشهر، تراجعت الصادرات بواقع 34 في المئة خلال الفترة بين يناير ومايو الماضيين على أساس سنوي. وبينما لم تنشر بعد أرقام صادرات خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام الجاري أورد التقرير أرقام الربع الأول 2023، والتي انخفضت بنسبة 27.8 في المئة نتيجة تراجع الطلب وسعر بيع جميع المنتجات. وذكرت مجموعة المكتب الشريف للفوسفات (أو.سي.بي) أواخر مايو الماضي أن إجمالي إيراداتها بلغ 18.2 مليار درهم (1.8 مليار دولار) في الربع الأول من هذا العام، مقابل 2.5 مليار دولار في الفترة نفسها من 2022.

محمد جدري: الأسمدة أصبحت تسهم في تحقيق ريادة المغرب عالميا

وبلغت أرباح الشركة الحكومية قبل خصم الفوائد والضريبة والاستهلاك حوالي 460 مليون دولار، مقابل 1.1 مليار دولار المسجلة في الربع الأول من العام الماضي، لكن أو.سي.بي تتو تعافي نشاطها في النصف الثاني من 2023. وفي العام الماضي سجلت أو.سي.بي عائدات بلغت 11.29 مليار دولار بفضل ارتفاع الأسعار، بزيادة 40 في المئة عن عام 2021، وبلغ صافي الأرباح 4.9 مليار دولار، بزيادة 38 في المئة. وبلغ إنتاج المغرب من الفوسفات خلال 2022 نحو 40 مليون طن، ليصنف بذلك الثاني عالميا بعد الصين من حيث الإنتاج، والتي أنتجت 85 مليون طن في العام نفسه. وبحسب المعطيات الرسمية حققت مجموعة أو.سي.بي أرباحاً صافية تقدر بنحو 2.8 مليار دولار في العام الماضي. ويرى خبراء أن الرقم يعتبر قياسيا بالنظر إلى الارتفاع الكبير لأسعار الأسمدة في العالم، بعدما سجلت أو.سي.بي أرباحا بقيمة 1.6 مليار دولار في 2021 وحوالي 320 مليون دولار في 2020. وقال الخبير الاقتصادي محمد جدري لوكالة الأناضول إن “قطاع الأسمدة أصبح يسهم في تحقيق ريادة المغرب عالميا، خاصة في كل ما يتعلق بالأمن الغذائي”. وأضاف أن “عائدات الفوسفات تشكل دعما قويا للناتج المحلي الإجمالي، سواء تعلق الأمر بمداخيل العملة الصعبة أو ارتبط بحجم التشغيل، والمساهمة في خفض معدلات البطالة”. وزاد “وفق المعطيات المتوفرة، يرتقب أن يحقق المغرب صادرات تتجاوز 4 ليين طن من الأسمدة نحو أسواق أفريقيا، لمساعدة حوالي 44 مليون مزارع في أكثر من 35 دولة”. وفي مطلع ديسمبر الماضي وقعت الحكومة المغربية وأو.سي.بي مذكرة تفاهم حول البرنامج الاستثماري الأخضر الجديد للمجمع بين عامي 2023 و2027.

مصطفى التراب: اعتمدنا إستراتيجية منطقية تستند إلى متطلبات المشترين

ويهدف البرنامج الجديد، وفق بيان للديوان الملكي صدر آنذاك، إلى “ترسيخ المكانة العالمية للمجمّع باستثمار إجمالي يقدر بنحو 130 مليار درهم (13 مليار دولار) خلال الفترة من 2023 إلى 2027”. كما يهدف أيضا إلى مواكبة 600 شركة صناعية مغربية، وتوفير 25 ألف فرصة عمل مباشر وغير مباشر. وأوضح جدري أنه خلال العقدين الماضيين حدث تحول مهم، بعدما أصبح قطاع الفوسفات مساهما رئيسيا في تنمية الاقتصاد المغربي. وبيّن أن المغرب اليوم قطع أشواطا مهمة للنهوض بقطاع الفوسفات، من خلال الانتقال من مرحلة بيعه كمادة خام إلى امتلاك صناعة حقيقية تتعلق بمشتقاته أيضا. وتوقع جدري أن يصبح البلد في غضون ثلاثة عقود متحكما في الأمن الغذائي العالمي عن طريق إنتاج مجموعة من الأسمدة حيث هناك رهانان يشكلان أحد التحديات الأساسية، وهما كل ما يتعلقباطاقة والأمونيا الخضراء. وتنتج الأمونيا الخضراء عن تفاعل النيتروجين مع الهيدروجين الأخضر وتعمل على تقليل انبعاثات غازات الدفيئة المنبثقة عن الأسمدة الضرورية في الزراعة. وتخطط أو.سي.بي على المدى الطويل لتعزيز سلسلة التوريد المحلية في صناعة الأمونيا الخضراء، بما في ذلك من خلال بناء مصنع في طرفاية بجنوب المغرب. وأكد جدري أن المغرب سيحقق الاكتفاء الذاتي من الطاقة عبر تحويل الطاقة الشمسية والرياح إلى طاقة كهربائية، وكذلك تحلية مياه البحر. وقال الرئيس التنفيذي لأو.سي.بي مصطفى التراب، في مقابلة مع برنامج كريتينغ إيميرجينغ ماركتس التابع لكلية هارفارد الأميركية للأعمال، إن “تقريرا لمكتب أميركي للاستشارة أكد أن المشكلة لدى الشركة ليست مرتبطة بسوء تدبير، بل بسبب غياب الإستراتيجية”. وأكد التراب، في المقابلة التي نشرت في الأسبوع الأخير من مايو الماضي، أنه “بناء على ذلك، تم إصلاح الأمر، واعتمدنا إستراتيجية منطقية، تقوم على الانتقال إلى المنتج النهائي، وكان علينا أن نمر من سلسلة القيمة إلى مجال أعمال زبائننا، أي الأسمدة”. وقال “مباشرة بعد اعتماد هذه الإستراتيجية، تم الاستثمار بكثافة في إنتاج الأسمد وإراج الشركة من وضعها بسرعة إلى حد ما”. وأوضح أنه في غضون سنوات انتقلت القدرة الإنتاجية للأسمدة من مليوني طن إلى 12 مليون طن، باستثمار حوالي 10 مليارات دولار خلال 10 سنوات. وكانت أو.سي.بي قد استحوذت في مايو الماضي على خمسين في المئة من رأس مال شركة الفوسفات غلوبال فييد الإسبانية، في سياق خطط الشركة المغربية لزيادة الطاقة الإنتاجية للأعلاف العالمية كي تصل إلى 400 ألف طن بحلول عام 2027. وقال جدري إن الشركة المغربية الحكومية المتخصصة بإنتاج وتسويق الفوسفات “تعيش تحولا كبيرا، حيث تدعم المقاولات الصاعدة في أميركا مثلا، وأيضا أصبحت تشتري أسهما في شركات أجنبية”. وأضاف “الشركة حاضرة في المغرب وأيضا في أفريقيا، وكذلك في أوروبا عن طريق شراكة جديدة مع شركة الفوسفات الإسبانية”. ويمتلك المغرب أكبر مخزون من الفوسفات، بنسبة تقدر بنحو سبعين في المئة من الاحتياطي العالمي، تليه الصين وثلاث دول عربية هي مصر والجزائر وسوريا. ويعد البلد ثاني أكبر منتج لمادة الفوسفات، بنحو 30 مليون طن سنويا، وأول مصدر لها على مستوى العالم، بينما تتصدر الصين دول العالم في الإنتاج السنوي بواقع 90 ألف طن، وتظهر في قائمة كبارالمنجين كذلك السعودية والأردن والبرازيل. وبحسب تقرير لوزارة الانتقال الطاقي يطمح المغرب إلى رفع حصته من السوق العالمية للفوسفات إلى 40 في المئة. ووفق بيانات هيئة المسح الجيولوجي الأميركية لعام 2022، يقدر معدل الإنتاج العالمي السنوي للفوسفات بـ240 مليون طن. © copyright Alarab UK 1977-2021