اتجهت مصر إلى تنويع سلة مصادر الطاقة خاصة الطاقة النظيفة والمتجددة، ما وضعها فى مركز متقدم فى قطاع الطاقة المتجددة بالمنطقة، وتخطو خطوات واسعة نحو ريادة المنطقة فى الهيدروجين الأخضر مثلما سعت من قبل لريادتها فى قطاع الطاقة المتجددة.
وأكدت تقارير رسمية أن مصر تمتلك أكبر مصادر للطاقة المتجددة من الرياح والشمس فى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ما يؤهلها لأن تكون واحدة من أكبر منتجى الطاقة النظيفة، وهو ما يتسق مع التزاماتها وتعهداتها المناخية واستراتيجية التنمية المستدامة، وخفض الانبعاثات الكربونية، واستراتيجية مصر لتغير المناخ 2050 التى تمكن الدولة من تخطيط وإدارة تغير المناخ على مستويات مختلفة.
وتمتلك مصر العديد من المزايا فى مجال إنتاج الهيدروجين الأخضر الذى تخطو فيه خطوات ريادية واسعة على مستوى الإقليم والعالم، لذا وضعت عدة قوانين وإجراءات خلال الأعوام الأخيرة ساعدت فى إيجاد حوافز جديدة للقطاع الخاص لتحفيز إنتاج الطاقة المتجددة، مثل صياغة مشروع قانون الحوافز التى ستقدمها الدولة لمشروعات الهيدروجين الأخضر.
ومن أبرز الحوافز التى تقدمها الدولة للقطاع الخاص لمشاركته فى إنتاج الطاقة المجددة منح حافز استثمارى نقدى لا يقل عن 33% ولا يزيد على 55% من قيمة الضريبة المسددة، بجانب إعفاء المعدات والأدوات والآلات والأجهزة والمواد الخام والمهمات ووسائل النقل عدا سيارات الركوب من ضريبة القيمة المضافة.
وتتحمل الخزانة العامة الضريبة العقارية التى تستحق على مبانى المشروعات وضريبة الدمغة ورسوم التوثيق الخاص بتأسيس الشركات، والحصول على الموافقة الواحدة لشركة المشروع وفقاً لقانون الاستثمار ولائحته التنفيذية، مع السماح لشركة المشروع أن تستورد بذاتها أو عن طريق الغير، ويتم العمل على إعداد حزمة حوافز استثنائية إضافية للشركات الأولى التى ستقوم بتوقيع العقود النهائية، شريطة حيازة المشروعات على التمويل اللازم، وجاهزيتها للبدء الفورى فى التنفيذ.
ولتشجيع إنتاج الهيدروجين قامت الدولة بإنشاء المجلس الوطنى للهيدروجين الأخضر برئاسة رئيس مجلس الوزراء ليتولى تنسيق وإدارة كل ما يخص هذا الملف، ما يعد تأكيداً على التزام واهتمام الحكومة الراسخ بتطوير قطاع الطاقة المستدامة، حيث سيعمل المجلس على متابعة وتنفيذ الاستراتيجية الوطنية للهيدروجين الأخضر وتحديثها بما يتناسب مع المستجدات الدولية والمحلية، وتبى السياسات والخطط الضرورية ووضع الآليات الملائمة لتنفيذ هذه الاستراتيجية وتحديثها بشكل منسق وفعال.
خطط حكومية لإنتاج 220 ألف طن من الهيدروجين الأخضر و1.1 مليار طن من الأمونيا
وتركز الخطط الحكومية على اتجاه مصر لإنتاج 20 ألف طن من الهيدروجين الأخضر و100 ألف طن من الأمونيا الخضراء بحلول 2025، لخدمة قطاعات مختلفة يمكن تطويع مصدر الطاقة المستحدث بها، مثل قطاع النقل، والهدف النهائى هو إنتاج 220 ألف طن من الهيدروجين الأخضر و1.1 مليار طن من الأمونيا الخضراء.
واتجهت مصر لتوقيع العديد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم مع كبرى الشركات العالمية للعمل على تحقيق هذه الأهداف، وبناء وتشغيل منشآت لإنتاج الهيدروجين الأخضر، منها شركة الطاقة الهندية «رينيو باور»، وتعاون صندوق مصر السيادى مع الشركة النرويجية سكاتيك وشركات أخرى لتشغيل محطة العين السخنة أول محطة لإنتاج الهيدروجين الأخضر بقدرة إنتاجية تصل إلى حوالى 100 ميجاوات، وتم افتتاحها فى نهاية عام 2022، وبدأت بالفعل الإنتاج وتصدير الإنتاج للخارج، حيث صدرت منتجات الصودا آش، وتسليم أول شحنة من الأمونيا المُنتجة بالاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة وفقاً لمعار اعتماد الشهادة الدولية للاستدامة والكربون «ISCC PLUS» إلى الهند.
وتأتى مصر على رأس قائمة الدول العربية من حيث عدد المشروعات التى تهدف إلى توطين صناعة الهيدروجين الأخضر، بحوالى 23 مشروعاً من إجمالى 73 مشروعاً فى صناعة الهيدروجين على مستوى الوطن العربى.
ومن المتوقع أن تنعكس هذه المشروعات على الاقتصاد المصرى بالعديد من المنافع، من خلال ترسيخ موقع مصر كمصدر إقليمى وعالمى للطاقة والوقود الأخضر وزيادة حجم الصادرات، وتحقيق تنوع مصادر الطاقة لمصر ووجود معادلة متزنة من الطاقة لمصر لأول مرة، وحماية الاقتصاد المصرى من حالة التذبذب والتقلب فى أسعار النفط العالمية، عن طريق سرعة ضم الهيدروجين الأخضر إلى مزيج الطاقة المصرى واستخدامه فى الصناعات المختلفة.
وقال الدكتور ماهر عزيز، عضو مجلس الطاقة العالمى، إن مصر نفذت وما زالت تعمل على العديد من المشروعات فى الوقت الحالى لإنتاج الهيدروجين الأخضر، الذى يعتبر من أفضل حاملات الطاقة.
وأضاف لـ«الوطن» أن الدولة تسير بشكل جيد فى تبنى هذه المشروعات، والعمل على تمويل مشروعات الهيدروجين الأخضر باعتباره وقود المستقبل، بالإضافة إلى ما تتخذه من خطوات، لتصبح مص مركزاً إقليمياً لتجارة الطاقة.
وأوضح أن هناك العديد من أنواع الطاقة التى تعمل مصر على تجارتها، منها الهيدروجين الأخضر والغاز الطبيعى والمسال، والربط الكهربائى الدولى، خاصة أن الهيدروجين الأخضر من أبرز الطاقات التى تسعى الدولة لإنتاجها خلال الفترة المقبلة، حيث تسعى إلى إنتاج 10 ملايين طن خلال عام 2030، ويمكن استخدامه فى العديد من القطاعات مثل تموين السفن وغيرها من القطاعات.
وأكد «عزيز» أن الهيدروجين الأخضر سيكون هو وقود المستقبل فى ظل الأزمات الحالية والسعى لخفض انبعاثات الكربون، لذلك سيكون الهيدروجين الأخضر والطاقة النظيفة عنصر جذب كبيراً للسوق الأوروبية للاستثمار فى مصر، كما أن الغاز الطبيعى والمسال الذى يتم تصديره للخارج ومشروعات الربط الكهربائى، يزيد من دور مصر كمركز محورى لتجارة وتداول الطاقة.