أكثر توفيراً وأقل انبعاثات… هل تغدو الكبسولات الخشبية حلاً بيئياً؟

Table of Contents
Issue Date

ي مدينة برج العرب في محافظة الإسكندرية، يدير الشاب أحمد مصطفى مصنع “يوروبليت”، الذي أسسه والده الكيميائي الراحل مصطفى السيد قبل قرابة عشرين عاماً، ويقوم المعمل بتصنيع الكبسولات الخشبية وتصديرها لبلدان أوروبية، كما يسعى إلى تصنيع مواقد تعمل بهذه الكبسولات بدلاً من الديزل، في محاولة لإيجاد مصادر بديلة للطاقة والحد من الانبعاثات الكربونية والاعتماد على الوقود الأحفوري، بجانب خفض تكاليف الإنتاج.

يقول مصطفى لرصيف22: “الكبسولات الخشبية هي مستقبل الطاقة، لكونهاً وقوداً بديلاً للفحم والسولار والغاز الطبيعي، وأقل تكلفة إذا استخدمت على نطاق واسع في تشغيل المصانع بشكل أساسي”.

وفي مواقع أخرى في كل من دمياط والإسكندرية، نشأت خلال السنوات الأخيرة العديد من الشركات والمصانع الصغيرة التي تعمل على تدوير بقايا ونشارة الخشب وتحويلها إلى كبسولات أو كريات خشبية يطلق عليها اسم “الوود بليت”، وهي حبيبات بطول بوصة واحدة يمكن حرقها كوقود في محطات الطاقة الكهربائية، وقد تحد من استخدام الوقود الأحفوري وما ينجم عنه من انبعاثات كربونية.

الكبسولات الخشبية هي مستقبل الطاقة، لكونهاً وقوداً بديلاً للفحم والغاز، وأق تكلفة.

وكبسولات الوودبليت هي وقود حيوي مصنوع من ألياف الخشب المضغوط، وخاصة مخلفات نشارة الأخشاب أو الحصاد وجذوع الأشجار منخفضة الجودة ومواد عضوية أخرى. وإذا صنعت وفقاً لمواصفات الجودة المطلوبة، فإنها تنتج انبعاثات كربونية منخفضة وتعطي تدفئة بقيمة طاقة عالية، لذا يعتبر كثير من خبراء البيئة والطاقة بأنها صديقة للبيئة ومستدامة.

آية ياسر
أضف تعليقاً
حفظ لوقت لاحق
بيئة ومناخ نحن والبيئة مصر
الأحد 3 سبتمبر 202310:36 ص
في مدينة برج العرب في محافظة الإسكندرية، يدير الشاب أحمد مصطفى مصنع “يوروبليت”، الذي أسسه والده الكيميائي الراحل مصطفى السيد قبل قرابة عشرين عاماً، ويقوم المعمل بتصنيع الكبسولات الخشبية وتصديرها لبلدان أوروبية، كما يسعى إلى تصنيع مواقد تعمل بهذه الكبسولات بدلاً من الديزل، في محاولة لإيجاد مصادر بديلة للطاقة والحد من الانبعاثات الكربونية والاعتماد على الوقود الأحفوري، بجانب خفض تكاليف الإنتاج.

يقول مصطفى لرصيف22: “الكبسولات الخشبية هي مستقبل الطاقة، لكونهاً وقوداً بديلاً للفحم والسولار والغاز الطبيعي، وأقل تكلفة إذا استخدمت على نطاق واسع في تشغيل المصانع بشكل أساسي”.

وفي ماقع أخرى في كل من دمياط والإسكندرية، نشأت خلال السنوات الأخيرة العديد من الشركات والمصانع الصغيرة التي تعمل على تدوير بقايا ونشارة الخشب وتحويلها إلى كبسولات أو كريات خشبية يطلق عليها اسم “الوود بليت”، وهي حبيبات بطول بوصة واحدة يمكن حرقها كوقود في محطات الطاقة الكهربائية، وقد تحد من استخدام الوقود الأحفوري وما ينجم عنه من انبعاثات كربونية.

الكبسولات الخشبية هي مستقبل الطاقة، لكونهاً وقوداً بديلاً للفحم والغاز، وأقل تكلفة.

وكبسولات الوودبليت هي وقود حيوي مصنوع من ألياف الخشب المضغوط، وخاصة مخلفات نشارة الأخشاب أو الحصاد وجذوع الأشجار منخفضة الجودة ومواد عضوية أخرى. وإذا صنعت وفقاً لمواصفات الجودة المطلوبة، فإنها تنتج انبعاثات كربونية منخفضة وتعطي تدفئة بقيمة طاقة عالية، لذا يعتبر كثير من خبراء البيئة والطاقة بأنها صديقة للبيئة ومستدامة.

أخشاب متنوعة
يعتمد المُصنّع الشاب مصطفى في تصنيع الكبسولات على نشارة الأخشاب البيضاء المستوردة كالبياض والسويدي، لأن الأخشاب الحمراء وبعض الأنواع مثل الزان تُسبب تلف مكابس تصنيع الكبسولات.

بدوره يشرح ضياء عواد، خبير الطاقة ورئيس مجلس إدارة شركة “الاقة للوقود الحيوي”، حول خط إنتاج الكبسولات، والذي يتكون من كسّارة أو مفرمة الأخشاب والمخلفات الزراعية التي تُحولها إلى نشارة، ثم الهزاز الذي يعمل على تنقية النشارة من أية شوائب أو بقايا، وتليه البريمة التي تعمل على نقل النشارة من الكسارة إلى المكبس الذي يحوّل النشارة الناعمة إلى الكبسولات عبر عمليتي الضغط والتسخين.

ويوضح عواد أن مُصنعي الكبسولات في مصر يواجهون نقص خامات الخشب الأبيض، مثل الموسكي والسويدي، والتي تستورد من الخارج، وبعضهم يعتمد على نشارة الأخشاب المُصنّعة وبقايا التصنيع التي تحتوي على نسبة شوائب مما يجعل جودتها أقل من المعايير المطلوبة للتصدير، بينما يلجأ البعض لاستخدام المخلفات الزراعية في التصنيع، مثل مخلفات قصب السكر والذرة وسعف النخيل وحطب القطن، وعصارة بذور الزيتون وبقايا تقليم أشجار الموالح والفواكه، والقشرة الخارجية لحبة الأرز الخام.

ويمتاز هذا المنتج بقيمته الحرارية العالية، أي كمية الطاقة الحرارية الناتجة عن الاحتراق، والتي تجعله يصلح للاستخدام كوقود حيوي للمصانع، ولكنه غير مناسب كوقود للمدافئ بسبب كمية الرماد الكبيرة الناتجة عن حرقه.

وهنا يلفت مصطفى إلى أن عض مُصنّعي الأثاث في مصر استخدموا نشارة أخشاب أثاث قديم تحتوي على مواد كيميائية مثل الدهانات، وباعوها لمُصنعي الكبسولات الخشبية زاعمين أنها نشارة خشب أبيض جديد، مما أضر بسمعة الإنتاج المصري، إلاّ أنه تغلب على ذلك بشراء كسارة خشب لضمان جودة منتجاته من الكبسولات. وجدير ذكره أن ما لا يزيد عن خمسة مصانع مصرية فقط تحمل ترخيص الجودة الأوروبية لصناعة الكبسولات الخشبية.

“الهواء أصبح مسموماً”… التلوّث قاتل صامت يهدّد اللبنانيين

بدائل سورية للتدفئة من مخلّفات نباتية وحيوانية… هل هي آمنة للصحة والبيئة؟

“إحنا بنموت بالبطيء”… متى تتخلى مصر عن استخدام الفحم كمصدر للطاقة؟

وبدوره يوضح تامر الفرّاش، رئيس مجلس إدارة شركة “مالتي فروت” للاستيراد والتصدير، وأحد مُصدّري الكبسولات الخشبية من مصر للدول الأوروبية، بأن تلك الكبسولات تستخدم كمصدر للطاقة والتدفئة، وتنتج في مصانع مصرية غالبيتها في دمياط ومدينة السادس من أكتوبر، يتوفر لديها مورد النشارة الخشبية وتقوم بكبسها وتحويلها لأصابع، أما البقية تستورد من روسيا وتركيا، ثم يعاد تصديرها إلى أوروبا، بشرط وجود شهادة للجودة تؤكد خلوها من الرطوبة وارتفع نسبة الاحتراق وانخفاض الأدخنة الناجمة عن حرقها.

ويبين في حديثه لرصيف22 أن معدلات الطلب على الكبسولات المصرية يزداد خلال فصل الشتاء نظراً لاحتياج سكان البلدان الأوروبية إلى التدفئة، وكونها أرخص سعراً من الغاز الطبيعي.

تحوّل المصانع لاستخدام الكبسولات الخشبية بدلاً من السولار أو الغاز يؤدي إلى خفض تكاليف الإنتاج لنحو 30%، إضافة إلى تقليل حجم الانبعاثات الكربونية الناتجة عن الاحتراق بنسبة تقارب الربع

خفض استهلاك الوقود
ينوّه مصطفى إلى التوفير الذي يحدثه استخدام الكبسولات الخشبية على المدى الطويل، ويطرح مثالاً عن أحد مصانع المعكرونة المصرية، وكان يستهلك نحو 10 طن سولار شهرياً، ولكن انخفض استهلاكه لنصف طن فقط بعد استخدامه للكبسولات الخشبية، وساهم ذلك بانخفاض تكاليف الإنتاج وتوفير العملة الصعبة التي يتطلبها استيراد الوقود، ويضيف: “هذه الكبسولات قادرة على الحد من استخدام الكميات الهائلة من الفحم التي تتطلبها عملية تشغيل مصانع الأسمدة والإسمنت في مصر، والتي تسبب تلوّثاً كبيراً للهواء”.

وتساوي الطاقة الناتجة عن حرق طن من الكريات الخشبية قرابة 3 براميل من النفط، بحسب إدارة معلومات الطاقة اأمريكية، وتعد الكبسولات ذات تكلفة أقل من أنواع الوقود الأخرى، إذ يؤدي الاعتماد عليها في تدفئة المنزل على سبيل المثال إلى توفير نحو 700 دولار سنوياً.

انبعاثات كربونية أقل
يشير ضياء عواد إلى أن تحول المصانع لاستخدام الكبسولات الخشبية بدلاً من السولار أو الغاز يؤدي إلى خفض تكاليف الإنتاج لنحو 30%، إضافة إلى تقليل حجم الانبعاثات الكربونية الناتجة عن الاحتراق بنسبة تقارب 25%، إذ ينجم عن احتراق الغاز الطبيعي نحو 40 ألف وحدة كربون، ولكن عند حرق الكبسولات الخشبية في درجة الحرارة نفسها ولنفس معدل الاستخدام، تنتج قرابة 10 آلاف وحدة من الكربون، لكن ما يعرقل تحول المصانع لاستخدام الكبسولات هو ضرورة تغيير منظومة الاحتراق بأكملها.

وتشير الإحصائيات الصادرة عن وكالة حماية البيئة الأمريكية، إلى أن كل طن من حبيبات الخشب المحترقة بدلاً من النفط يقلل من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بنحو 1.5 طن. ويمكن أن يكون الرماد الناتج عن احتراقها صديقاً للأرض إذا استخدم لتخصيب النباتات، لاحتوائه على البوتاسيوم والجير والكالسيوم التي تساعد النبات على النمو، وفقاً لدراسة نشرتها لجامعة ميسوري.

وتنتج عن الكريات الخشبي انبعاثات أقل بكثير من الوقود الأحفوري عند الاحتراق، ووفقاً لمركز موارد طاقة الكتلة الحيوية فإن استخدامها بدلاً من الوقود الأحفوري يمكن أن يقلل من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بنسبة قد تصل إلى 90٪.

هل تعد فعلاً حلاً بيئياً؟
يعتقد الدكتور والخبير البيئي إبراهيم عبد الجليل، وهو رئيس جهاز شؤون البيئة الأسبق، أنه يمكن استخدام الكبسولات الخشبية في محطات توليد الكهرباء التي تعمل بواسطة الفحم، وكذلك مصانع الإسمنت التي تستهلك كميات كبيرة من الفحم الأحفوري الذي تنجم عنه انبعاثات كربونية تسبب الاحتباس الحراري، ويؤدي ذلك إلى خفض البصمة الكربونية بشكل واضح.

كل طن من حبيبات الخشب المحترقة بدلاً من النفط يقلل من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بنحو 1.5 طن. ويمكن أن يكون الرماد الناتج عن احتراقها صديقاً للأرض إذا استخدم لتخصيب النباتات، لاحتوائه على البوتاسيوم والجير والكالسيوم التي تساعد النبات على النمو

ويشير إلى أن الكبسولات أو الكريات الخشبية هي أحد أشكال الوقود الحيوي أو “البيوفيول”، أي الوقود المتجدد المستمد من الكائنات الحية، وهو محايد كربونياً لأن ما ينتج عنه من ثاني أكسيد الكربون يتم امتصاه مرة أخرى في الغلاف الجوي، كما أنه يحد من الآثار البيئية للنفايات الصلبة ومساحات الأراضي التي تخصص كمدافن للنفايات، مشيراً إلى أن ما يحول دون استخدام غالبية مصانع مصر لهذه الكبسولات هو اضطرارها إلى تعديل متطلبات الإنتاج المتعلقة بالاحتراق.

ورغم كونها أوفر وأقل انبعاثات من الوقود الأحفوري، إلاّ أن بعض الدراسات تطرح تساؤلات حول كون الكبسولات الخشبية حقاً صديقة للبيئة ومستدامة.

وقد خلص تقرير صادر عن مركز أبحاث “تشاتام هاوس” في لندن، إلى أن استدامة الكتلة الحيوية الخشبية كوقود مبالغ فيها، ويمكن أن يؤدي استخدام الكبسولات الخشبية إلى آثار سلبية على المناخ والنظم البيئية للغابات. وفي حين يعتبر الاتحاد الأوروبي بأن الحبيبات الخشبية هي مصدر وقود محايد للكربون، إلا أن حصاد الأشجار وحرق أخشابها لإنتاج الطاقة ينتج “دَيناً كربونياً” لن يتم سداده قبل 35 إلى 50 عاماً.

ويرى المهندس حسام محرم، المستشار الأسبق لوزير البيئة المصري، أن استخدام الكبسولات الخشبية كوقود هو أحد صور استرجاع القيمة الكامنة في المخلفات، ولكن أي عملية حرق تنتج انبعاثات غازية، لذا يجب أن تتم إدارة الانبعاثات بطرق نموذجية تبدأ خفضها ما أمكن، من خلال ترشيد استهلاك الوقود من المنبع، والتحكم بالتقنيات المستخدمة في عملية الحرق، وكذلك التحكم السليم في الظروف التشغيلية لعملية الاحتراق، لضمان خفض استهلاك الوقود المشتق من هذه المخلفات الخشبية وبالتالي خفض الانبعاثات الناتجة بقدر الإمكان.

ويقول لرصيف22 إنه أحياناً تقتضي الاشتراطات البيئية استخدام “حلول نهاية الأنبوب” لمعالجة الانبعاثات الغازية، لتحسين جودة هذه الانبعاثات وتقليل ضررها قبل خروجها من المداخن إلى الهواء، عبر الفلاتر بأنواعها، وتقنية غسيل الغازات، وغيرها من الإجراءات.