عُمان مذهلة بجمالها وتاريخها وشعبها مضياف –
مشروع الأمونيا الخضراء في الدقم ومحطة «منح 1» للطاقة الشمسية.. أبرز الاستثمارات الفرنسية
نأمل في مبادرات جديدة لتحسين التجارة بين دول المجلس والاتحاد الأوروبي
اقترحنا برنامجا لتطوير المنح الدراسية لجذب المزيد من الطلبة العمانيين في الجامعات الفرنسية
أكدت سعادة فيرونيك أولانيون، سفيرة فرنسا لدى سلطنة عمان على عمق العلاقات العمانية الفرنسية في كافة المجالات، وخاصة في القطاع الاقتصادي، لافتة الانتباه إلى أن هناك استثمارات فرنسية ضخمة بقطاع الطاقة في الفترة الأخيرة أبرزها مشروع الأمونيا الخضراء في الدقم، وبناء وتشغيل محطة «منح1» للطاقة الشمسية.
وقالت: نسعى مع الجهات المختلفة إلى تعزيز الاستثمارات في سلطنة عمان وخاصة في القطاعات المستهدفة في رؤية 2040، إضافة إلى قطاعات أخرى أبرزها الطاقة والهيدروجين الأخضر، الصحة السياحة، البنية التحتية، النقل العام، وإدارة النفايات.
كما أبدت استعدادها للتعاون مع وزارة التراث والسياحة لتطوير المتاحف في سلطنة عمان بحكم خبرة فرنسا الطويلة في هذا المجال، موضحة أن سلطنة عمان تعد من أفضل الوجهات السياحية لدى الفنسيين ولكن في المقابل لابد من الشركات السياحية استقطاب المزيد عبر إقامة العروض الترويجية والترفيهية وخاصة فيما يتعلق بالفنادق والمطاعم خارج محافظة مسقط.
وفي إطار تطوير برنامج المنح الدراسية بين البلدين، أوضحت سعادة السفيرة أن هناك مقترحا قدمته الحكومة الفرنسية خلال هذا العام لجذب العديد من الطلبة العمانيين للدراسة في الجامعات الفرنسية، منوهة إلى أن هناك الكثير من التخصصات تدرس باللغة الإنجليزية وبتكلفة أقل مقارنة بين الدول الأوروبية الأخرى.
«عمان» التقت بسعادة السفيرة، وكان لها هذا الحوار..
في البداية .. نود معرفة انطباعاتكم عن سلطنة عمان وطبيعتها وشعبها؟
أعتقد أن الدبلوماسي عليه أن يكون قريبا من أرض الواقع ليفهم تمامًا البلد الذي يعيش فيه ويمثل بلده بشكل جيد.
وخلال العامين الماضيين اللذين قضيتهما في سلطنة عمان، تنقلت في المحافظات والولايات، واقتربت من الشعب العماني كثيرا من مختلف الأعمار.
وأكثر ما يذهلني في عمان ليس فقط جمال البلاد أو كرم الضيافة الاستثنائي لسكانها، إنما كذلك وقبل كل شيء جذورها التاريخية، فالعمانيون يعرفون من أين أتوا ومن هم، وأن هويتهم الجماعية بنيت من خلال اتصلات مكثفة مع بقية العالم.
ترتبط سلطنة عمان بعلاقات تاريخية طويلة وممتدة بجمهورية فرنسا، ما التطورات على صعيد هذه العلاقات، وكيف تقرؤون مستقبلها؟
العلاقات بين سلطنة عمان وفرنسا قديمة وممتازة ومتنامية. فمن الناحية السياسية، تعرب فرنسا، بوصفها عضوا دائما في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، عن تقديرها للدور الذي تضطلع به سلطنة عمان في الإسهام في إحلال السلام في المنطقة.
وفي الجانب العسكري، تشكل عمان نقطة دعم متنامية لقواتنا المسلحة، التي تسهم إسهاما مهما في ضمان حرية الحركة البحرية والأمن البحري في منطقة المحيطين الهندي والهادئ. ولدينا أيضا تعاون ممتاز في مكافحة الإرهاب.
وأخيرا على المستوى الاقتصادي، تعد شركاتنا رائدة في سلطنة عمان وبالأخص في قطاعات عدة مثل الطاقة والمياه وإدارة النفايات.
تسعى سلطنة عمان حاليا إلى انتهاج الدبلوماسية الاقتصادية عبر سفاراتها بهدف جذب الاستثمارات الأجنبية، هل هناك إقبال من قبل الفرنسيين على الاستثمار في السلطنة؟ وما هي أهم القطاعات التي يستثمرون فيها؟
تتمتع فرنسا بحضور تجاري قوي في سلطنة عمان، حيث تأسست 40 شركة على الأقل في سلطنة عمان، كما يوجد العديد م الشركات الأخرى تعمل في السوق العمانية من الخارج. وتعد قطاعات المياه والكهرباء، وإدارة النفايات، والنفط والغاز، والخدمات، والدفاع والأمن من أهم القطاعات التي يقبل المستثمرون الفرنسيون عليها.
كما تستثمر الشركات الفرنسية أيضًا في القطاعات المرتبطة برؤية عمان 2040، وخاصة في قطاع الهيدروجين الأخضر، فقد فازت شركة الطاقة الفرنسية إنجي مؤخرا بمناقصة مع شركاء كوريين وتايلانديين لإنتاج الأمونيا الخضراء في الدقم. وفي قطاع الاقتصاد الأزرق، تم تعيين ائتلاف فرنسي عماني لتطوير وتشغيل ميناء صيد الأسماك الجديد في الدقم.
ونحن كسفارة، وبدعم قوي من جمعية الصداقة الفرنسية العمانية (OFA) ومن رابطة الأعمال الفرنسية MEDEF International، نعمل بنشاط وجدية على تشجيع الحضور الفرنسي في سلطنة عمان في مجالات مثل الهيدروجين، والطاقة المتجددة والنقل العام والبنية التحتية والصحة والسياحة، وفي المقابل، نشجع الاستثمار العماني في فرنسا في التقنيات الرئيسية ذات المنفعة المتبادلة.
وأرى أن إدخال المزيد من التحسينات على بيئة الأعمال التجارية في سلطنة عمان، ولا سيما قانون عمل أكثر مرونة، فضلاً عن تفعيل زيارات الأعمال إلى فنسا، يساعد بالتأكيد في جذب المزيد من الاستثمارات.
لا يزال التبادل التجاري بين البلدين دون مستوى الطموح.. برأيك هل سنشهد المرحلة القادمة مزيدا من التعاون في هذا القطاع ؟
إن التبادل التجاري بين البلدين -رغم محدوديته- آخذ في النمو. وفيما يتعلق بالصادرات الفرنسية، فإن عمان ليست حاليًا سوقًا كبيرة للمعدات المدنية الرئيسية المنتجة في فرنسا مثل الطائرات أو السلع الكمالية، ولكن نأمل أن يتم اتخاذ مبادرات جديدة في الأشهر المقبلة لزيادة تحسين التجارة بين دول مجلس التعاون الخليجي والاتحاد الأوروبي.
ومن أولوياتي – باعتباري سفيرة لجمهورية فرنسا- هي زيادة العقود العامة للشركات الفرنسية والاستثمارات الفرنسية في عمان، وقد شهدت الأشهر الستة الماضية تطورات إيجابية في هذا المجال، إذ تم التوقيع على مشروعين رئيسيين جديدين لاستثمارات شركات فرنسية في سلطنة عمان، وهي استثمارات شركة انجي الفرنسية في قطاع الهيدروجين الأخضر، إضافة إلى فوز المجموعة الفرنسية الكبرى إي دي بف رينوابلس (EDF Renewables) بالشراكة مع شركة كورية بالمناقصة لبناء وتشغيل مشروع محطة «منح 1» للطاقة الشمسية، حيث تبلغ الطاقة الإنتاجية للمشروع500 ميجاواط.
يتصدر الفرنسيون قائمة أهم السياح القادمين من أوروبا إلى سلطنة عمان، هل هناك تنسيق بين وزارة التراث والسياحة حاليا وبين سفارتكم لاستقطاب المزيد من الفرنسيين عن طريق الترويج للمقومات الطبيعية التي تتميز بها عمان؟
في الواقع، يزداد عدد الفرنسيين الذين يزورون سلطنة عمان كل عام، ويعود الفضل بشكل أساسي إلى مكتب وزارة التراث والسياحة في باريس، برئاسة رانيا خضر، التي تقوم بعمل رائع في هذا الشأن.
وأرى أن عمان تستطيع جذب المزيد من السياح الفرنسيين إذا اهتمت كثيرا بالعروض الترويجية والأسعار المعقولة للفنادق والمطاعم خاصة خارج العاصمة مسقط، والأنشطة الثقافية والترفيهية.
وفي هذا الصدد، تمتلك فرنسا خبرة كبيرة في مجال تطوير المتاحف والسياحة، وهي على استعداد للمشاركة مع وزارة التراث والسياحة والشركات السياحية المختلفة في هذا المجال، كما فعلت بنجاح في بلدان أخرى في المنطقة.
وبصفتي سفيرةً، فإن دوري هو أيضًا وقبل كل شيء ضمان زيارة المزيد من العمانيين لفرنسا، حتى لو كنا أصلا الوجهة السياحية الأولى في العالم مع ما يقرب من 100 مليون زائر أجنبي سنويا، ففي نهاية المطاف، فإن الروابط بين البشر ي التي ترسخ العلاقات بين الدول.
تمنح جمهورية فرنسا فرصا دراسية للطلبة للدراسة في جامعاتها؟ كم يبلغ عدد الطلبة الدارسين في الجامعات الفرنسية، وهل هناك خطة لزيادة هذه المنح في السنوات القادمة؟
تحتل فرنسا المركز التاسع عشر في استضافة الطلبة العمانيين وواحدة من الأوائل بين الدول الأوروبية، ونستقبل نحو 80 طالبًا كل عام، لا سيما في مجال الطب، إضافة إلى عدد محدود من المنح الدراسية في اللغة الفرنسية والماجستير في تخصصات مختلفة.
وأدعو الجامعات العمانية أن تعرض على طلبتنها منحة «إيراسموس موندوس» Erasmus Mundus، وهو برنامج تم اقتراحه خلال العام الجاري على الحكومة العمانية والجامعات الخاصة بهدف تطوير برنامج المنح الدراسية المشتركة لجذب المزيد من الطلبة العمانيين.
لكن الأمر لا يتعلق فقط بالمنح الدراسية، فهناك العديد من الطلبة العمانيين الذين يسافرون للدراسة في الخارج دون الحصول على منح دراسية، وإننا أحيانًا نواجه صعوبة في العثور على مرشحين للدراسة في فرنسا.
والتحدي الذي يواجهنا حاليا كحكومة فرنسية هو جعل التعليم العالي الفرنسي معروفًا بشكل أفضل في دول الخليج خصوصا، فكليات الهندسة والأعمال والفون لدينا مصنفة من بين الأفضل في العالم؛ ونقدم العديد من البرامج الدراسية باللغة الانجليزية؛ والدراسة لدينا أقل تكلفة مما هي عليه في الدول الأنجلو ساكسونية.
وأخيرًا، تشجع السفارة الجامعات العمانية والفرنسية على إقامة شراكات لإرسال طلبتها لفصل دراسي، فبرنامج المنح الدراسية المشتركة الذي اقترحناه يسير في هذا الاتجاه. كما أنشأت فرنسا في جميع أنحاء المنطقة، أسماء جامعية فرنسية كبرى، مثل HEC Paris في قطر والسوربون في أبوظبي.
https://www.omandaily.om/عمان-اليوم a/اهتمام-عالمي-كبير-بقطاع-الطاقة-المتجددة-في-سلطنة-عمان-والتبادل-التجاري-بين-البلدين-آخذ-في-النمو